(فإنّ الله سبحانه كما أوجب على الولد طاعة أبويه) بقوله (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ) (١) ونظائرها.
والمراد بالأبوين : الأب والأُمّ ، وجمعهما باسم أحدهما ؛ تغليباً ومراعاةً لجانب التذكير ، كما يراعى جانب الأخفّ مع التساوي فيه ، كالحسنين والعمرين ، ولو تساويا خفّةً وثقْلاً ، جاز جمعهما باسم أيّهما كان ، كالكسوفين والظهرين.
(كذلك أوجب عليهما) أي على الأبوين (الشفقة عليه بإبلاغ مراده) حذف المفعول في الإبلاغ إيجازاً ومبالغةً وتفخيماً لشأن المريد ، أي بإبلاغه مراده (في الطاعات وتحصيل مآربه) جمع إرب. وفيه خمس لغات ، وهي : الحاجة (من القُرُبات) واحدها قُربة ، وهي ما يطلب بها التقرّب إلى الله تعالى قرب الشرف لا الشرف.
(ولمّا) حرف وجود لوجود ، وعند جماعة (٢) ظرف بمعنى «حين» أو بمعنى «إذ» استعمل استعمال الشرط ، يليه فعل ماضٍ مقتضٍ جملتين وجدت ثانيتهما عند وجود الأُولى ، والفعل الماضي هنا قوله (كثر طلب الولد العزيز) وهو هنا «الكريم» تقول : عززتُ على فلان : إذا كَرُمتَ عليه (محمّد) بدل من الولد ، أو عطف بيان عليه.
(أصلح الله له أمر دارَيْه) دنياه وآخرته (ووفّقه للخير) التوفيق : جَعْل الأسباب متوافقة ، وحاصله توجيه الأسباب بأسرها نحو المسبّبات ، ويقال : هو اجتماع الشرائط وارتفاع الموانع (وأعانه عليه ، وأمدّ) أي : أمهل وطوّل (له في العمر السعيد) أي : الميمون ، خلاف النحس.
وإذا كان الوصف للإنسان ، قابلَ الشقيّ ، لكن يختلف فيهما الفعل الماضي ، فإنّه في الأوّل مفتوح العين ، وفي الثاني مكسورها ، قاله الجوهري. (٣).
(والعيش الرغيد) أي : الطيّب الواسع ، يقال : عيشَة رَغد ورَغَد : أي طيّبة واسعة.
(لتصنيف) متعلّق بـ «طلب» والتصنيف جَعل الشيء أصنافاً ، وتمييز بعضها من بعض.
(كتاب) فعال من الكَتب ، وهو الجمع بمعنى المكتوب ، إلا أنّه خصّ استعماله بما فيه كثرة المباحث.
__________________
(١) العنكبوت (٢٩) : ٨ ؛ لقمان (٣١) : ١٤ ؛ الأحقاف (٤٦) : ١٥.
(٢) أنظر : مغني اللبيب ١ : ٣٦٩.
(٣) الصحاح ٢ : ٤٨٧ ، «س ع د».