وقد اختلف الأصحاب في تعريفها ؛ لاختلافهم في المعنى المنقول إليه ، فكلّ عرّفها بحسب (١) ما ذهب إليه ، ولا تكاد تجد تعريفاً سليماً عن الطعن حتى لجأ بعضهم (٢) إلى أنّ المراد بتعريفها اللفظي على قانون اللغة ، وهو تبديل لفظ بلفظ آخر أجلى منه من دون اشتراط الاطّراد والانعكاس.
وحاصل الخلاف : أنّ منهم مَنْ يُطلقها على المبيح دون إزالة الخبث. ومنهم مَنْ يُطلقها عليه وعلى إزالة الخبث. وعلماؤنا الأكثرون على الأوّل بناءً على أنّ إزالة الخبث في الحقيقة أمر عدميّ ، فلا حظّ له في المعاني الوجوديّة.
ثمّ هُم مختلفون في إطلاقها على الصورة غير المبيحة حقيقةً أو ظاهراً ، كوضوء الحائض والمجدّد : والمصنّف لم يتعرّض لتعريفها في هذا الكتاب ، لكن قد استقرّ أمره تبعاً لغيره على تقييدها بالمبيحة ولو بالصلاحيّة.
ومن الإشكال العامّ أنّهم يُخرجون من التعريف وضوءَ الحائض إمّا لعدم الإباحة به ، أو للحديث (٣) الدالّ على عدم تسميته طُهراً.
ثمّ يقسّمون الطهارة إلى واجبٍ وندبٍ ، والندب إلى المجدّد وإلى وضوء الحائض ، وغسل الجمعة ، والتيمّم لصلاة الجنازة ونحوها ، فاللازم إمّا فساد التقسيم أو خلل التعريف.
وربما اعتذر بأنّ المقسم غير المعرّف ، أو بأنّ ذكر هذه الأشياء في التقسيم لضربٍ من المجاز والاستطراد ، ومثله يجوز ارتكابه في التقسيم بعد سلامة التعريف. ولا يخفى بُعْدهما.
وقد ناقش شيخنا الشهيد رحمهالله في إخراج وضوء الحائض وإدخال المجدّد : بأنّ التعريف إن كان للطهارة المبيحة للصلاة ، فينبغي إخراج المجدّد منه عند مَنْ لا يكتفي بنيّة التقرّب منفردة ؛ لأنّه غير صالح للتأثير. وإن أُريد بالصلاحيّة ما يعمّ البعيدة وهو أنّه لو اقترن به ما يجب اقتران غيره به لأثّر فيدخل (٤) وضوء الحائض ؛ إذ الصلاحيّة حاصلة
__________________
(١) في «ق ، م» : «حسب».
(٢) المحقّق الحلّي في الرسائل التسع : ٢٠٠ ـ ٢٠١.
(٣) الكافي ٣ : ١٠٠ ـ ١٠١ / ١.
(٤) في «ق ، م» والطبعة الحجريّة : «دخل». وما أثبتناه من المصدر.