مسجداً وترابها طهوراً (١)
إلى غير ذلك من الأحاديث الدالّة على إطلاق الطهارة على التيمّم ؛ لأنّ السياق لإباحة الصلاة بالنسبة إلى الحدث ، ولصدق التعريفات بأسرها عليه.
ثمّ على تقدير الحقيقة فهل تلك المقوليّة بطريق الاشتراك اللفظي أو التواطؤ أو التشكيك؟ الظاهر انتفاء الأوّل ؛ لاشتراك الثلاثة في معنى مشترك بينها ، وهو صلاحيّة الإباحة للصلاة ولو بالقوّة القريبة على ما تقرّر ، وهو ينفي الاشتراك. ومُحتمِل الاشتراك ينظر إلى اختلاف ذاتَي المائيّة والترابيّة ، فهي كالعين.
وهو ضعيف ؛ إذ لا جامع لأفراد العين غير اللفظ ، بخلافه هنا.
نعم ، يقع الشكّ بين الأخيرين ؛ لاشتراكهما في هذا الوجه.
وليس ببعيد مقوليّتها على الثلاثة بالتشكيك ، وعلى الوضوء والغسل بالتواطؤ ؛ فإنّ إطلاقها على المائيّة أقوى من الترابيّة ، وفردا المائيّة متساويان.
وتظهر فائدة الخلاف في نذر الطهارة ، وسيأتي.
(وكلّ منها) أي الثلاثة التي هي الوضوء والغسل والتيمّم (واجب) إمّا بأصل الشرع أو بالعرض ، كالنذر وشبهه (وندب) بالأصالة أو بالعرض أيضاً. فالأقسام أربعة ، ويخرج من ضربها في الأنواع الثلاثة اثنا عشر قسماً ذكر المصنّف رحمهالله منها تسعة الواجبة بأصل الشرع والعارض ، والثلاثة المندوبة بأصل الشرع ، وستراها مفصّلةً. وبقي ثلاثة أقسام ، وهي المندوب من الثلاثة بسببٍ من المكلّف ، وذلك حيث يكون أحدها متعلّقاً بما يستحبّ الوفاء به ، كالنذر المنوي غير المتلفّظ به.
(فالوضوء يجب) بأصل الشرع (للصلاة والطواف الواجبين).
إمّا للصلاة : فلقوله تعالى (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) (٢) ولقوله عليهالسلام : صلىاللهعليهوآله لا صلاة إلا بطهور (٣) وللإجماع.
ويلحق بالصلاة أجزاؤها المقضيّة منفردةً ، كالسجدة والتشهّد وسجود السهو والاحتياط إن لم نجعله صلاةً مستقلّة ، لا سجود التلاوة.
__________________
(١) صحيح مسلم ١ : ٣٧١ / ٥٢٢ ؛ سنن البيهقي ١ : ٣٢٨ / ١٠٢٣.
(٢) المائدة (٥) : ٦.
(٣) التمهيد ـ لابن عبد البرّ ـ ٨ : ٢١٥.