والأشخص الجمع كذا في المهذب (١). وفي عرف العلماء هو الفرد المشخّص المعيّن. والشخصية هي القضية المخصوصة. اعلم أنّ الشّخص في اصطلاح المنطقيين عبارة عن الماهية المعروضة للتشخّصات (٢) والعارض وتقييده يكون خارجا عنها ، وإنّما الاعتبار في اللّحاظ فقط دون الملحوظ. فالماهية الكلّية عين حقيقة الأشخاص. وإنّما التغاير بينهما في اللّحاظ فقط من دون أن يدخل أمر في نفس أحدهما دون الآخر. وهذا عند المتأخرين من المحقّقين. وأمّا عند المتقدّمين فالشّخص عندهم عبارة عن الماهية مع القيد دون التقييد. والتفصيل أنّ الطبيعة الكلّية قد تؤخذ بالنظر إلى أمور محصّلة لها كالأجناس بالنسبة إلى الفصول. مثلا الحيوان إذا أخذ بالنسبة إلى الناطق يسمّى مخلوطة ونوعا ، وتسمّى هذه المرتبة مرتبة الخلط ، وإذا أخذ بشرط نفي الناطق تكون مادة محمولة على الأول وتسمّى مجرّدة ومعراة ، وتسمّى هذه المرتبة. مرتبة التّعرية. وإذا أخذ لا بشرط شيء أي لا بشرط شيء ولا بشرط نفي شيء تسمّى مطلقة وتسمّى هذه المرتبة مرتبة الإطلاق. وقد تؤخذ بالنظر إلى العوارض الغير المحصّلة كالإنسان بالنظر إلى تشخّص (٣) زيد مثلا. فطبيعة الإنسان إذا أخذ مع التشخّص الخاص مثلا تكون مخلوطة تتصوّر فيها المراتب الأربع. إحداها كون التقييد والقيد كلاهما داخلين وهذا يسمّى بالفرد. وثانيتها كون كليهما خارجين وإنّما التقييد في اللّحاظ فقط من دون أن يجعل جزءا من الملحوظ وهذا هو المسمّى بالشخص عند المحقّقين من المتأخرين. وأمّا عند المتقدّمين فالقيد داخل في اللّحاظ دون التقييد. وثالثتها أن يكون التقييد داخلا والقيد خارجا وهذا هو المسمّى بالحصّة عندهم. ورابعها أن يكون القيد داخلا والتقييد خارجا وهذا القسم مما لا اعتبار له عندهم. ولهذا لم يسمّوه باسم. وبعضهم ضبطوها بالشعر الفارسي :
الفرد إذا كان القيد والتقييد داخلا |
|
والشخص أن يكونا خارجين أيّها الإنسان |
وإذا كان القيد خارجا منه فهذا يسمّى حصة |
|
وبقية الأقسام دعها عنك (فلا اعتبار لها) (٤) |
هكذا في شرح السّلّم للمولوي حسن اللكهنوي (٥) في خاتمة بحث الكلّي وغيره.
والتشخّص هو التعيّن وهو يطلق بالاشتراك على معنيين : الأول كون الشيء بحيث يمتنع فرض اشتراكه بين كثيرين ، وحاصله امتناع الاشتراك بين كثيرين ، وهو يحصل من نحو الوجود الذهني ويلحق الصورة الذهنية من حيث إنّها صورة ذهنية لأنّ الحمل والانطباق وما يقابلهما من شأن الصّور دون الأعيان ، والاختلاف بالكلّية والجزئية إنّما هو لاختلاف الإدراك دون المدرك. فالشيء إذا أدرك بالحواس وحصل فيها كان جزئيا ، وإذا أدرك بالعقل وحصل فيه كان كلّيا ، ويدلّ عليه أنّ ما ذكروه في تعريف الكلّي والجزئي يظهر منه كلّية اللاشيء ونحوه ، فإنّ تصوّر هذه المفهومات لا يمنع فرض (٦) الشركة ،
__________________
(١) المذهب (م ، ع).
(٢) التشخيصات (م).
(٣) شخص (م).
(٤)
چو تقييد وقيد است داخل بود فرد |
|
وگر هر دو خارج بود شخص اى مرد |
چو قيد است خارج ازو هست حصه |
|
دگر قسم باقي رها كن ز قصه |
(٥) هو حسن بن غلام مصطفى اللكهنوئي الهندي. توفي عام ١١٩٨ هـ / ١٧٨٣ م. حكيم ، منطقي. له عدة مؤلفات. معجم المؤلفين ٣ / ٢٦٨ ، بروكلمان ٢ / ٦٢٤.
(٦) عن فروض (م) ، عن فرض (ع).