قابلة للكون والفساد والتفرق والتمزق ، وإنّ تلك الأجسام تكون سيّالة في البدن. وما دام يبقى ذلك السريان بقيت النفس مدبّرة للبدن ، فإذا انفصلت تلك الأجسام اللطيفة عن جوهر البدن انقطع تعلّق النفس مدبرة للبدن ، انتهى ما قال الإمام الرازي. وإن شئت زيادة التوضيح فارجع إلى التفسير الكبير.
وقال بعض الصوفية : الإنسان هو هذا الكون الجامع. وقال الشيخ الكبير في كتاب الفكوك (١) : إنّ الإنسان الكامل الحقيقي هو البرزخ بين الوجوب والإمكان والمرآة الجامعة بين صفات القدم وأحكامه وبين صفات الحدثان ، وهو الواسطة بين الحق والخلق ، وبه وبمرتبته يصل فيض الحق والمدد الذي سبب بقاء ما سوى الحقّ إلى العالم كله علوا وسفلا ، ولولاه من حيث برزخيته التي لا تغاير الطرفين لم يقبل شيء من العالم المدد الإلهي الوحداني لعدم المناسبة والارتباط ، ولم يصل إليه كذا في شرح الفصوص للمولوي عبد الرحمن الجامي.
في الفصّ الأول ويجيء أيضا ذكره في لفظ الكلمة. وفي الإنسان الكامل حيث وقع من مؤلفاتي لفظ الإنسان الكامل فإنما أريد به محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم تأدّبا لمقامه الأعلى. وللإنسان الكامل ثلاثة برازخ وبعدها المقام المسمّى بالختام. البرزخ الأول يسمّى البداية وهو التحقق بالأسماء والصفات. والبرزخ الثاني يسمّى التوسّط وهو محك (٢) الرقائق الإنسانية بالحقائق الرحمانية ، فإذا استوفى هذا المشهد علم سائر المتمكنات (٣) واطلع على ما يشاء (٤) من المغيبات. والبرزخ الثالث وهو معرفة التنوّع (٥) الحكمية في اختراع الأمور القدرية ، ولا يزال الحق يخترق له العادات بها في ملكوت القدرة حتى يصير له خرق العوائد عادة في تلك الحكمة ، فحينئذ يؤذن له بإبراز القدرة في ظاهر الأكوان. وإذا تمكّن من هذا البرزخ حلّ في المقام المسمّى بالختام ، وليس بعد ذلك إلاّ الكبرياء ، وهي النهاية التي لا تدرك لها غاية. والناس في هذا المقام مختلفون فكامل وأكمل وفاضل وأفضل. وفي تعريفات السيّد الجرجاني : الإنسان الكامل هو الجامع لجميع العوالم الإلهية والكونية الكليّة والجزئية وهو كتاب جامع للكتب الإلهية والكونية فمن حيث روحه وعقله كتاب عقلي مسمّى بأمّ الكتاب. ومن حيث قلبه كتاب اللوح المحفوظ ومن حيث نفسه كتاب المحو والإثبات ، فهو الصحف المكرّمة المرفوعة المطهرة التي لا يمسّها ولا يدرك أسرارها إلاّ المطهّرون من الحجب الظلمانية. فنسبة العقل الأول إلى العالم الكبير وحقائقه بعينها نسبة الروح الإنساني إلى البدن وقواه ، وأنّ النفس الكليّة قلب العالم الكبير ، كما أنّ النفس الناطقة قلب الإنسان. ولذلك يسمّى العالم بالإنسان الكبير انتهى.
الانسجام : [في الانكليزية] Flow ، harmony ـ [في الفرنسية] Ecoulement ، harmonie
بالجيم لغة جريان الماء. وعند البلغاء هو أن يكون الكلام لخلوه من العقادة منحدرا كتحدّر الماء المنسجم ، ويكاد بسهولة تركيبه وعذوبة ألفاظه أن يسيل رقة ، والقرآن كله
__________________
(١) الفكوك في مستندات حكم الفصوص لصدر الدين محمد بن اسحاق القونوي (ـ ٦٧٣ هـ). كشف الظنون ١ / ١٢٨٨. GALS, I, ٧٩٢
(٢) فك (م).
(٣) المكتمات (م).
(٤) ما شاء (م).
(٥) التنوعات (م).