الذي يكون به الفصل بين الخصمين أعني الطبيعة والمرض. قال جالينوس (١) هو الحكم الحاصل لأنه به يكون انفصال حكم المرض إمّا إلى الصحة وإما إلى العطب. وعند الأطباء هو ما يلزم من ذلك الفصل ، وهو تغيّر عظيم يحدث في المرض دفعة إلى الصحة أو إلى العطب ، وذلك التغيّر يكون على ثمانية أصناف : الأول التغير الذي يكون دفعة إلى الصحة ويقال له البحران المحمود والبحران الكامل والبحران الجيّد. والثاني الذي يكون إلى العطب دفعة ويقال له البحران الرّديء. والثالث الذي يكون في مدة طويلة إلى الصحة ويقال له التحلّل. والرابع الذي يكون في مدة طويلة إلى العطب ويقال له الذّوبان والذّبول. ويقال لهذه الأصناف الأربعة البحارين التّامة إمّا الجيّدة وإما الرّديئة. والخامس الذي يكون دفعة إلى حال أصلح ثم يتمّ الباقي في مدة طويلة حتى يتأدّى إلى الصحة. والسادس الذي يكون دفعة إلى حال أردأ ثم يتمّ الباقي في مدة طويلة حتى يتأدّى إلى الصحة. والسادس الذي يكون دفعة إلى حال أردأ ثم يتمّ الباقي في مدة طويلة حتى يتأدّى إلى الهلاك. والسابع الذي يكون قليلا قليلا إلى حال أصلح ثم يؤول إلى الصحة دفعة. والثامن الذي يكون قليلا قليلا إلى حال أردأ ثم يؤول إلى الهلاك دفعة ، ويقال لهذه الأصناف الأربعة الأخيرة لما فيه من تغيّر دفعي بحارين مركّبة إمّا جيّدة ناقصة وإمّا رديئة ناقصة. وبحران الانتقال هو أن تدفع الطبيعة المرض عن القلب والأعضاء الشريفة إلى بعض الأعضاء الخسيسة. والبحران التام ما ينقضي به المرض سواء كان باستفراغ أو بانتقال ، كذا في بحر الجواهر وغيره. والأيام الباحورية هي الأيام التي يقع فيها البحران. وقولهم يوم باحوري على غير قياس ، فكأنه منسوب إلى باحور ، وهو شدّة الحرّ في تموز وجميع ذلك مولّد كذا قال الجوهري (٢).
البخار : [في الانكليزية] Steam ـ [في الفرنسية] Vapeur
بالضم والخاء المعجمة عند الحكماء جسم مركّب من أجزاء مائية وهوائية. والدخان مركّب من أجزاء أرضية ونارية وهوائية. والغبار مركّب من أجزاء أرضية وهوائية. قالوا الحرارة إذا أثّرت تأثيرا تاما في المياه أو الأراضي الرطبة تحلّلت منها وتصعّدت أجزاء هوائية تمازجها أجزاء مائية بحيث لا يتميّز شيء منهما عن الآخر في الحسّ لصغرها ، ويسمّى المركّب منها بخارا. وإن أثّرت في الأراضي اليابسة تحلّلت منها وتصعّدت أجزاء نارية تخالطها أجزاء أرضية بحيث لا يتميز شيء منهما عن الآخر في الحسّ ، ويسمّى المركّب منها دخانا ، وإن لم يكن أسود ، هذا هو المشهور. وذكر بعض المحققين أن الحرارة إذا أثّرت في المياه أحالت بالتسخين بعضها أجزاء هوائية وصعّدت مختلطة بالأجزاء اللطيفة المائية ، فهذه المتصاعدات معا تسمّى بخارا. وإذا أثّرت في الأراضي الغائرة
__________________
(١) جالينوس (١٣١ ـ ٢١٠ م) طبيب يوناني. درس الطب وتعمق فيه وجال في انحاء اليونان وكورنتا والإسكندرية ثم روما. ترك أثرا علميا في الطب حتى القرن السابع عشر الميلادي تقريبا. درس جسم الإنسان وعلم التشريح وأجرى بحوثه على الحيوانات. خلّف رسائل ومؤلفات عديدة في الطب والأسطقسات الأربعة والأدوية والأمراض العسيرة ، وله آراء في الفلسفة والرياضيات.Laroue du xxeme siecle.T ٣ ,p.٩٨٦. ابن جلجل ، طبقات الأطباء والحكماء ، القاهرة المعهد الفرنسي ، ١٩٥٥ ، ص ٤١ ـ ٥٠ ، الفهرست ٢٨٨ ـ ٢٩١ ، طبقات الأطباء ٢٨.
(٢) الجوهري : هو اسماعيل بن حماد الجوهري ، أبو نصر. أصله من فاراب وتوفي بنيسابور عام ٣٩٣ هـ / ١٠٠٣ م. أول من حاول الطيران ومات بسببه ، من أئمة اللغة. الاعلام ١ / ٣١٣ ، معجم الأدباء ٢ / ٢٦٩ ، النجوم الزاهرة ٤ / ٢٠٧ ، لسان الميزان ١ / ٤٠٠ ، إنباه الرواة ١ / ١٩٤.