كلّ سلطان عظيم لهم. وأيام شهورهم ثلاثون ثلاثون. وأسماء شهورهم هذه : فروردين ماه أرديبهشتماه خرداد ماه تير ماه مرداد ماه شهريور ماه مهر ماه آبان ماه آذر ماه ديماه بهمن ماه اسفندارمذماه. لكن يقيّد جميعها بالقديم بأن يقال فروردين ماه القديم الخ. وهذه الأسماء بعينها أسماء شهور التاريخ الجلالي ، إلاّ أنّها تقيّد بالجلالي. ثم إنّهم كانوا يزيدون في كل مائة وعشرين سنة شهرا فتصير شهور السنة ثلاثة عشر ويسمّونه باسم الشهر الذي ألحق به ، وينقلون الشهر الزائد من شهر إلى شهر ، حتى إذا تكرّر فروردين في سنة تكرّر ارديبهشت بعد مائة وعشرين سنة وهكذا إلى أن تصل النوبة إلى اسفندارمذ ، وذلك في ألف وأربعمائة وأربعين سنة ، وتسمّى دور الكبيسة ، ويزيدون الخمسة المسترقة في سنة الكبيسة في آخر الشهر الزائد ، فيصير خمسة وثلاثون يوما. وفي السنين الأخرى يزيدونها في آخر الشهر الذي وافق اسمه اسم هذا الشهر. فإذا تمّت مائة وعشرون سنة أخرى ووقعت كبيسة أخرى وصار اسم الشهر الزائد موافقا لاسم شهر آخر يزيدونها على آخر هذا الشهر وهكذا. وكان مبدأ السنة أبدا هو الشهر الذي يكون بعد الخمسة. ولمّا جدّدوا التاريخ ليزدجرد (١) كان قد مضى تسعمائة وستون سنة من دور الكبيس ، وانتهى الشهر الزائد إلى آبانماه والمسترقة كانت في آخره. ثم لمّا ذهبت دولة الفرس على يده في زمن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه ، حيث انهزم من العرب عند محاربتهم إيّاه ولم يقم مقامه من يجدّد له التاريخ ، اشتهر هذا التاريخ به من بين سائر ملوك الفرس ، وبقيت الخمسة تابعة لآبانماه من غير نقل ولا كبس. وكان كذلك إلى سنة ثلاثمائة وخمس وسبعين يزدجردية ، وقد تمّ الدّور حينئذ ، وحلّت الشمس أوّل الحمل في أوّل فروردين ماه ، فنقلت الخمسة بفارس إلى آخر اسفندارمذماه ، وتركت في بعض النواحي إلى آخر آبانماه ، لأنهم كانوا يظنون أنّ ذلك دين المجوسية (٢) ، لا يجوز أنّ يبدّل ويغير. ولمّا خلا هذا التاريخ عن الكسور حينئذ ، صار استعمال المنجّمين له أكثر من غيره. وأوّل هذا التاريخ يوم الثلاثاء أوّل يوم من تلك السنة فيها يزدجرد ، وهو مؤخّر عن مبدأ الهجري بثلاثة آلاف وستمائة وأربعة وعشرين يوما.
ومنها التاريخ الملكي ويسمّى بالتاريخ الجلالي أيضا وهو تاريخ وضعه ثمانية من الحكماء لمّا أمرهم جلال الدين ملك شاه السلجوقي (٣) بافتتاح التّقويم من بلوغ مركز الشمس أوّل الحمل. وكانت سنو التواريخ المشهورة غير مطابقة لذلك ، فوضعوا هذا التاريخ ليكون انتقال الشمس أوّل الحمل أبدا أوّل يوم من سنتهم. وأسماء شهورهم هي أسماء الشهور اليزدجردية ، إلاّ أنها تقيّد بالجلالي. وأوّل أيام هذا التاريخ كان يوم الجمعة ، وكان في وقت وضعه قد اتّفق نزول الشمس أوّل الحمل في الثّامن عشر من فروردين ماه القديم ، فهم جعلوه أوّل فروردين ماه الجلالي ، وجعلوا الأيام الثمانية عشر كبيسة.
ومن هذا تسمعهم يقولون إنّ مبدأ التاريخ
__________________
(١) لقب يطلق على بعض ملوك آل ساسان. ويزدجرد أيضا اسم على تقويم إيراني تمّ إصلاحه في عهد أحد ملوك السلاجقة ، وعرف بالتقويم الجلالي ، وذلك على يد المنجم عمر الخيام المشهور.
(٢) المجوس (ع) والمجوسية (م).
(٣) هو السلطان الكبير جلال الدولة ، أبو الفتح ملكشاه بن السلطان ألب أرسلان محمد بن جفر بيك السلجوقي التركي. تملّك بعد أبيه. كان ذا هيبة وسطوة ، وبسط نفوذه على كثير من الممالك. وكان حسن السيرة ، واهتمّ بالعمران ، وبنى في بغداد جامعا كبيرا. سير أعلام النبلاء ١٩ / ٥٤ ، المنتظم ٩ / ٦٩ ، الكامل في التاريخ ١٠ / ٧٦ ، وفيات الأعيان ٥ / ٢٨٣ ، العبر ٣ / ٣٠٩ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٤٢ ، شذرات الذهب ٣ / ٣٧٦.