التقدّم وهو أن لا يوجد أحدهما إلاّ بالآخر ، وهذا التوقّف من الطرفين ممتنع إذ يلزم حينئذ تقدّم كلّ واحد منهما على نفسه وعلى المتقدّم عليه ، كذا في شرح إشراق الحكمة في بحث المغالطة.
التّوكّل : [في الانكليزية] Confidence in God ، handing in everything to God ـ [في الفرنسية] Remise a Dieu ، confiance en Dieu
قال في خلاصة السلوك : قال بعض أهل المعرفة : التوكّل أن يصبر على الجوع اسبوعا من غير تشويش خاطر. وقيل التوكل أن لا تقضى الله من أجل رزقك باشتغال الأسباب ورؤية الرزق من الله تعالى فريضة. ومن ترك الكسب وطمع في المخلوقين فهو متأكل وليس بمتوكّل. وقال في مجمع السلوك : قال الصوفيّة في بيان حدود التوكّل كلاما كثيرا ، وكلّ شخص تكلّم بما يناسب مقامه ، ولذا اختلفت عباراتهم. فقال بعضهم : التوكّل هو الثقة بالله في العهود يعني : أن تؤمن بأنّ ما كان مقدّرا لك فهو واصل إليك ولو عارضك العالم. وكلّ ما لم يقسم لك فلن تحصل عليه بجدّك واجتهادك. وقال بعضهم : التوكّل هو أن يتساوى عندك الكثير والقليل والموجود والمفقود. وقال بعضهم : الاسترسال بين يدي الله تعالى استرسالا بحيث تمضي حيث يريد. وقال بعضهم : التوكّل هو أن لا ترجو غير الله ، وألاّ تخاف سواه. فالمتوكل هو ذلك الواثق بحقّ بأنّ الحقّ كل ما يفعله ترضى به ولا تتشكّى. وبعبارة أخرى : التسليم ظاهرا وباطنا. يقول أبو موسى :إذا أحاطت بك الوحوش والأفاعي من يسار ويمين فلا تحرّك رأسك خوفا منها. ولهذا قيل : التوكّل الاعتماد على الله تعالى في الوعد والوعيد بإزالة الطّمع عمّن سواه. ويقول ذو النون المصري : التوكّل خلع الأرباب وقطع الأسباب.
فائدة :
المتوكّل يترك التداوي من باب العزيمة ، وأخذ الدواء الذي يصفه الأطبّاء رخصة وهو لا ينافي العزيمة لقوله صلىاللهعليهوسلم «تداووا عباد الله» ، وقال : (ما من داء إلاّ وله دواء عرفه من عرفه وجهله من جهله إلاّ السام ـ وهو الموت ـ).
اعلم أنّ أسباب إزالة الضّرر ثلاثة أقسام ؛ قطعي ووهمي وظنّي.
أما القطعي فكالماء لدفع العطش والخبز لسدّ الجوع. وترك مثلهما ليس من التوكّل بالكليّة. بل إنّ تركهما في وقت يخشى فيه الموت حرام.
والوهمي كالكي والرّقى ، ومن شروط التوكّل ترك ذلك. لأنّ النبي صلىاللهعليهوسلم حين وصف المتوكلين قال : «ولا يكتوون ولا يسترقون».
وأمّا الظنيّ فكالفصد والحجامة والأدوية المسهّلة وبقية أبواب الطبّ المعروفة لدى الأطباء. والأخذ بذلك ليس مناقضا للتوكّل.
وقد قال في «قوت القلوب» : فالتداوي رخصة وسعة وتركه ضيق وعزيمة ، والله يحب أن يؤخذ برخصته كما يحب أن يؤتى عزائمه. لكن كمال التوكّل أن لا يدور حول الدواء. وهذا أمر ميسّر فقط لأهل المكاشفة أو أهل الصّبر على المرض لينال بصبره الثواب الجزيل أو الخائف من ذنوبه فينسى وجعه ومرضه. انتهى ما في مجمع السلوك (١).
__________________
(١) ودر مجمع السلوك گويد صوفيه در بيان حد توكل سخنها بسيار گفته اند هركسى از مقام خويش سخنى گفته وعبارات ايشان هم از ان مختلف گشته بعضى گفته اند توكل آنست كه خداى را استوار دارى در عهدها كه كرده است يعنى اعتقاد دارى كه هرچه قسمت تو كرده است به تو رسد اگرچه جهان بدفع ان مشغول شوند وهرچه بقسمت تو نكرده است بجد وجهدت اگرچه در جهانست به تو نرسد وبعضى گفته اند كه توكل آنست كه برابر گردد نزد تو بسيار واندك وموجود ومعدوم وبعضى گفته اند