بالملزوم مجازا حيث قال : حقيقة الحمد إظهار الصفات الكمالية ، وذلك قد يكون بالقول وقد يكون بالفعل ، وهذا أقوى لأنّ الأفعال التي هي آثار السخاوة تدلّ عليها دلالة قطعية ، بخلاف دلالة الأقوال فإنّها وضعية قد يتخلّف عنها مدلولها. ومن هذا القبيل حمد الله وثناؤه على ذاته وذلك أنّه تعالى حين بسط بساط الوجود على ممكنات لا تحصى ووضع عليه موائد كرمه التي لا تتناهى فقد كشف عن صفات كماله وأظهرها بدلالات قطعية تفصيلية غير متناهية ، فإنّ كل ذرة من ذرات الوجود تدلّ عليها ، ولا يتصوّر في العبارات مثل ذلك. ومن ثمة قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك» (١). والإحصاء يمكن أن يكون بمعنى العلم أو العدّ على سبيل الاستقصاء. وعلى كلا التقديرين الضمير المرفوع أعني أنت مبتدأ والكاف زائدة وكلمة ما موصولة أو موصوفة ، واختيارها على كلمة من يأباها وأثنيت على نفسك صلتها أو صفتها كما في قوله : أنا الذي سمّتني أمي حيدرة وهذه الجملة خبر للمبتدإ ، والمجموع تعليل لعدم علمه صلىاللهعليهوآلهوسلم ثناء عليه تعالى لأنّه إذا أثنى على نفسه كان ثناء غير متناه ، فلا يعلم ولا يعدّ ، بل لا مناسبة لشيء من العلم والعدّ المذكورين إلاّ لله تعالى ، أو بمعنى القدرة ، والجملة استئنافية كأنه قيل من ثنى (٢) حق الثناء وتمامه ، ويكون كلمة أنت تأكيد للضمير المجرور في عليك ، وما موصولة أو موصوفة أو مصدرية ، والمعنى أنّه لا أقدر على ثناء عليك مثل الثناء الذي أثنيت به ، بحذف العائد إلى الموصول أو الموصوف ، أو مثل ثنائك بجعل ما مصدرية. ومقصوده عليهالسلام من هذا الكلام إظهار العجز عن مثل ثناء الله تعالى على ذاته وسلب المماثلة بين ثنائه قولا أو فعلا وبين ثنائه تعالى على ذاته. اعلم أنّ الحمد في العرف هو الشكر في اللغة. وهو فعل يشعر بتعظيم المنعم بسبب كونه منعما. قال بعض الصوفية لسان الحمد ثلاث : اللسان الإنساني واللسان الروحاني واللسان الرباني. أمّا اللسان الإنساني فهو للعوام وشكره به التحدّث لإنعام الله وإكرامه مع تصديق القلب بأداء الشكر. وأمّا اللسان الروحاني فهو للخواصّ وهو ذكر القلب لطائف اصطناع الحق في تربية الأحوال وتزكية الأفعال. وأما اللسان الرباني فهو للعارفين وهو حركة السرّ لقصد شكر الحق جل جلاله بعد إدراكه لطائف المعارف وغرائب الكواشف بنعت المشاهدة والغيبة في القربة واجتناء ثمرة الأنس وخوض الروح في نحو القدس وذوق الأسرار بمباشرة الأنوار.
الحمراء : [في الانكليزية] Red ـ striped suit ـ [في الفرنسية] Costume rouge raye
بالألف الممدودة في اللغة الفارسية سرخ صرف. وفي اصطلاح المحدثين : هي البذلة التي توجد فيها خطوط حمر. وكذلك الخضراء والصّفراء عندهم : البذلة المخططة بخطوط خضر أو صفر. وهكذا الأيچه في بلادنا. هكذا في ترجمة صحيح البخاري المسمّى بتيسير القاري. وهذا الاصطلاح بسبب أنّه يعتبر لبس الثياب الحمراء الخالصة عند أكثر المحدثين ممنوع أخذا بظاهر حديث : «إياكم والحمرة فإنّها زي الشّيطان» وأمّا ما نقل في لباس النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان يلبس حلّة حمراء (في العيد ولدى استقبال
__________________
(١) مسند ، أحمد ٦ / ٥٨.
(٢) أثنى (م).