الحيّز : [في الانكليزية] Space ، area ، surface ، locus ـ [في الفرنسية] Espace ، etendue ، surface ، lieu
بالفتح وكسر الياء المثناة التحتانيّة المشدّدة وقد جاء بتخفيف الياء وسكونها أيضا كما في المنتخب هو في اللغة الفراغ مطلقا ، سواء كان مساويا لما يشغله أو زائدا عليه أو ناقصا عنه. يقال زيد في حيّز وسيع يسعه جمع كثير أو في حيّز ضيّق لا يسعه هو بل بعض أعضائه خارج الحيّز كذا قيل. وفي أكثر كتب اللغة إنّه المكان. وفي اصطلاح الحكماء والمتكلّمين لا يتصوّر زيادة الشيء على حيّزه ولا زيادة حيّزه عليه. قال المولوي عصام الدين في حاشية شرح العقائد في بيان الصفات السلبية : الحيّز والمكان واحد عند من جعل المكان السطح أو البعد المجرّد المحقّق ، وكذا عند المتكلّمين. إلاّ أنّه بمعنى البعد المتوهم. فما قال الشارح التفتازاني من أنّ الحيز أعمّ من المكان لأنّ الحيّز هو الفراغ المتوهّم الذي يشغله شيء ممتد أو غير ممتد. (١) فالجوهر الفرد متحيّز وليس بمتمكّن لم نجده إلاّ في كلامه. وأمّا عباراتهم فتفصح عن اتحاد معنى الحيّز والمكان انتهى. ويؤيده ما وقع في شرح المواقف في مباحث الكون وهو أنّ المتكلّمين اتفقوا في أنّه إذا تحرّك جسم تحرّك الجواهر الظاهرة منه. واختلفوا في الجواهر المتوسّطة. فقيل متحرّك وقيل لا. وكذلك الحال في المستقر في السفينة وهو نزاع لفظي يعود إلى تفسير الحيّز. فإن فسّر بالبعد المفروض كان المستقر في السفينة المتحرّكة متحرّكا ، وكذا الجواهر المتوسطة لخروج كلّ منهما حينئذ من حيّز إلى حيّز آخر لأنّ حيز كل منهما بعض من الحيز للكل. وإن فسّر الحيّز بالجواهر المحيطة لم يكن الجوهر الوسطاني مفارقا لحيزه أصلا. وأمّا المستقر المذكور فإنّه يفارق بعضا من الجواهر المحيطة به دون بعض. وإن فسّر الحيّز بما اعتمد عليه ثقل الجوهر كما هو المتعارف عند العامة لم يكن المستقر مفارقا لمكانه أصلا انتهى. فإنّ هذا صريح في أنّ الحيّز والمكان مترادفان لغة واصطلاحا ؛ فإنّ المعنى الأخير لغوي للمكان ، والأول اصطلاح المتكلّمين على ما صرّح بذلك شارح المواقف في مبحث المكان. وقال شارح الإشارات إنّ المكان عند القائلين بالجزء غير الحيّز لأنّ المكان عندهم قريب من مفهومه اللغوي وهو ما يعتمد عليه المتمكّن كالأرض للسرير. وأمّا الحيّز فهو عندهم الفراغ المتوهّم المشغول بالمتحيّز الذي لو لم يشغله لكان خلاء كداخل الكوز للماء. وأمّا عند الشيخ والجمهور فهما واحد ، وهو السطح الباطن من الجسم الحاوي المماس للسطح الظاهر من الجسم المحوي. وقيل حاصله أنّ المكان عند المتكلمين قريب من معناه اللغوي ، ومعناه اللغوي ما يعتمد عليه المتمكن ، فإنّ ضمير هو راجع إلى المفهوم اللغوي بدليل أنّ المكان عندهم بعد موهوم لا أمر موجود كالأرض للسرير ، وأنّ الحيّز غير المكان عندهم ، فالحيّز هو الفراغ المتوهّم مع غير اعتبار حصول الجسم فيه أو عدمه كما قال الشارح المرزباني (٢) والمكان هو الفراغ المتوهّم مع اعتبار حصول الجسم فيه ، والخلاء هو الفراغ المتوهّم الذي من شأنه أن يكون مشغولا بالمتحيّز انتهى. يعني أنّ الخلاء هو الفراغ المتوهّم الذي من شأنه أن يكون مشغولا ، والآن خال عن الشاغل على ما
__________________
(١) أو غير ممتد (ـ م ، ع).
(٢) هو محمد بن عمران بن موسى ، أبو عبيد الله المرزباني. ولد ببغداد عام ٢٩٧ هـ / ٩١٠ م. وتوفي فيها عام ٣٨٤ هـ / ٩٩٤ م. إخباري ، مؤرخ اديب. معتزلي الفكر. له كتب كثيرة وبعضها عجيب. الاعلام ٦ / ٣١٩ ، الفهرست لابن النديم ١ / ١٣٢ ، وفيات الاعيان ١ / ٥٠٧ ، ميزان الاعتدال ٣ / ١١٤ ، لسان الميزان ٥ / ٣٢٦ ، تاريخ بغداد ٣ / ١٣٥.