أي رأى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حقيقة ، وليس المراد أنّه إذا رأى شخصا يوهم أنّه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فإنّ الشيطان لا يتمثّل بي أي في صورتي. وقيل : على أي صفة رآه فهو صحيح (١). وذكر في المطالب (٢) واختلف في رؤيته صلىاللهعليهوسلم في خلاف صورته. قيل لا يكون رؤية له والصحيح أنّه حقيقة سواء رآه على صفته المعروفة أو لم يكن ، ورؤيته عليهالسلام حال كون الرائي جنبا صحيحة.
اعلم أنّ رؤية الله تعالى في المنام أمر محقّق وتحقيقه أنّه تعالى مع كونه مقدّسا منزّها عن الشكل والصورة ينتهي تعريفاته تعالى إلى العبد بواسطة مثال مخصوص من نور وغيره من الصور الجميلة يكون مثالا للنور الحقيقي المعنوي لا صورة فيه ، ولا لون ، هكذا في العثور على دار السرور (٣).
اعلم أنّ السّالك قد يكون في عالم النفس والهوى فيرى في المنام أو الحال أنّه الرّب فيكون الرؤيا صحيحا محتاجا إلى التعبير ، وتعبيره أنّ ذلك الشخص بعد عبد نفسه يحبه ويعمل له ما يحب فيكون بعد ممن اتخذ إلهه هواه فيرى في الواقعة أنّه الرّب المعبود له فيجب عليه أن يجتنب من طاعة النفس والهوى والقيام بما يشتهي ويهوى ، ويكسرها بالمجاهدة والرياضة ، ولا يظن أنّ ما رآه هو عينه تعالى ، إذ ليس له تعالى حلول فهذه الرؤية ، مثل ما يرى سائر العوام في منامهم حيث يرى أنّه آدم أو نوح أو موسى أو عيسى أو جبرئيل أو ميكائيل من ملائكة الله تعالى ، وأنه طير أو سبع أو ما أشبه ذلك ، ويكون لذلك الرؤيا تعبير صحيح وإن لم يكن كما رأى ، يعني عامة الناس إذا رأى أحدهم في منامه النبي صلىاللهعليهوسلم أو ملاكا أو طائرا أو حيوانا أو حيوانا مفترسا فليس ذاك هو عين ما رأوه ، بل إنّ لهذه الرؤيا تعبير صحيح ، وكذلك حال السّالك المذكور الذي يرى الرّبّ في النوم (٤). انتهى ما ذكر في مجمع السلوك في مواضع ، ويجيء هذا أيضا في لفظ الوصال.
اعلم أنّه قال في شرح المواقف في المقصد العاشر من مرصد القدرة : وأما الرؤيا فخيال باطل عند جمهور المتكلّمين. قيل هذا بناء على الأغلب والأكثر إذ الغالب منه أضغاث الأحلام ، أو المراد (٥) أنّ رؤيا من لا يعتاد الصدق في الحديث «أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا» (٦) أو لمن كثر معاصيه لأنّ من كان كذلك أظلم قلبه. أما عند المعتزلة فلفقد شرائط الإدراك حال النوم من المقابلة وغيرها. وأما عند الأصحاب فلأنّ النوم ضدّ للإدراك فلا يجامعه فلا يكون الرؤيا إدراكا حقيقة بل من
__________________
(١) وقيل بر هر صفتى كه بيند صحيح باشد.
(٢) المطالب العالية من رواية المسانيد الثمانية ، لابن حجر العسقلاني (ـ ٨٥٢ هـ). وهذا الكتاب مرجّح على غيره من الأسماء المسمّاة المطالب. كشف الظنون ، ٢ / ١٧١٤.
(٣) رسالة بحثية عن واجبات الاحياء تجاه الموتى ، أي طقوس الدفن الخ ... مع مقدمة عن زيارة المرضى الخ ... لعطا الله الصديق السمرقندي ، مدرس في شاه جهان آباد. ـ سلسلة فهارس المكتبات الخطية النادرة ، فهرست المخطوطات العربية بالمكتب الهندي ، اعداد : ستوري ، آربري ، ليفي ، لندن ١٩٣٠ ، آكسفورد ١٩٣٦ ، لندن ١٩٣٧ ، لندن ١٩٤٠ ، مج ٢ ، ص ٢٨٣.
(٤) يعني عامه مردمان اگر در خواب پيغامبر صلىاللهعليهوآلهوسلم را يا فرشته يا پرنده يا دد را بينند نه آنست كه عين ايشان را مى بينند بلكه اين ديدن را تعبير صحيح بود كذلك حال سالك مذكور كه پروردگار را در خواب بيند.
(٥) المقصود (م ، ع).
(٦) مسند أحمد ٢ / ٢٦٩ ، صحيح مسلم ٥ / ٦ باب الرؤيا المقدمة.