والحق هو الأول المنسوب إلى الحكماء ، لما عرفت أن ذاته المتعالية مبدأ لكل كمال وجودي ، ومبدأ الكمال غير فاقد له ، ففي ذاته حقيقة كل كمال يفيض عنه وهو العينية.
ثم حيث كانت كل من صفات كماله ، عين الذات الواجدة للجميع ، فهي أيضا واجدة للجميع وعينها ، فصفات كماله مختلفة بحسب المفهوم ، واحدة بحسب المصداق الذي هو الذات المتعالية.
وقول بعضهم ، إن علة الإيجاد مشيئته وإرادته تعالى دون ذاته ، كلام لا محصل له ، فإن الإرادة عند هذا القائل ، إن كانت صفة ذاتية هي عين الذات ، كانت نسبة الإيجاد إلى الإرادة عين نسبته إلى الذات ، فلم يأت بطائل ، وإن كانت من صفات الفعل المنتزعة من مقام الفعل ، فللفعل تقدم عليها ، واستناده في وجوده إليها ، تقدم المعلول على العلة وهو محال ، على أن لازم هذا القول ، كون نسبة الإيجاد والخلق إليه تعالى مجازا.
وأما القول الثاني وهو منسوب إلى الأشاعرة ، ففيه أن هذه الصفات وهي على ما عدوها ، الحياة والقدرة والعلم والسمع والبصر والإرادة والكلام ، إما أن تكون معلولة أو غير معلولة لشيء.
فإن لم تكن معلولة لشيء ، وكانت موجودة في نفسها واجبة في ذاتها ، كانت هناك واجبات ثمان ، وهي الذات والصفات السبع ، وأدلة وحدانية الواجب تبطله.
وإن كانت معلولة فإما أن تكون معلولة ، لغير الذات المتصفة بها أو معلولة لها.
وعلى الأول كانت واجبة بالغير ، وينتهي وجوبها بالغير إلى واجب بالذات ، غير الواجب بالذات الموصوف بها ، وأدلة وحدانية الواجب تبطله كالشق السابق ، على أن فيه حاجة الواجب الوجود لذاته ، في اتصافه بصفات كماله إلى غيره وهو محال.
وعلى الثاني ، يلزم كون الذات المفيضة لها متقدمة عليها بالعلية ، وهي