الثامن ما نسب إلى فرفوريوس ، أن علمه تعالى باتحاده مع المعقول.
وفيه أنه إنما يكفي لبيان نحو تحقق العلم ، وأنه بالاتحاد دون العروض ونحوه ، وأما كونه علما تفصيليا بالأشياء ، قبل الإيجاد مثلا فلا ، ففيه ما في سابقه.
التاسع ما نسب إلى أكثر المتأخرين ، أن علمه بذاته علم إجمالي بالأشياء ، فهو تعالى يعلم الأشياء كلها إجمالا بعلمه بذاته ، وأما علمه بالأشياء تفصيلا فبعد وجودها ، لأن العلم تابع للمعلوم ولا معلوم قبل وجود المعلوم.
وفيه ما في سابقه ، على أن كون علمه تعالى ، على نحو الارتسام والحصول ممنوع كما سيأتي.
العاشر ما نسب إلى المشاءين ، أن علمه تعالى بالأشياء قبل إيجادها ، بحضور ماهياتها على النظام الموجود ، في الوجود لذاته تعالى ، لا على نحو الدخول فيها والاتحاد بها ، بل على نحو قيامها بها بالثبوت الذهني ، على وجه الكلية ، بمعنى عدم تغير العلم بتغير المعلوم ، فهو علم عنائي حصوله العلمي مستتبع لحصوله العيني ، وقد جرى على هذا القول أكثر المتكلمين ، وإن خطئوه وطعنوا فيه من حيث إثبات الكلية في العلم ، فإنهم جروا على كونه علما حصوليا قبل الإيجاد ، وأنه على حاله قبل وجود الأشياء وبعده.
وفيه ما في سابقه ، على أن فيه إثبات العلم الحصولي ، لموجود مجرد ذاتا وفعلا ، وقد تقدم (١) في مباحث العلم والمعلوم ، أن الموجود المجرد ذاتا وفعلا ، لا يتحقق فيه علم حصولي ، على أن فيه إثبات وجود ذهني ، من غير وجود عيني يقاس إليه ، ولازمه أن يعود وجودا عينيا آخر للموجود الخارجي ، قبل وجوده العيني الخاص به ومنفصلا عنه تعالى ، ويرجع لا محالة إلى القول الرابع.
__________________
(١) في خاتمة المرحلة العاشرة.