فيعود المعاد عين المبتدأ وهو الانقلاب أو الخلف.
حجة أخرى لو جازت الإعادة لم يكن عدد العود ، بالغا معينا يقف عليه ، إذ لا فرق بين العودة الأولى والثانية ، وهكذا إلى ما لا نهاية له ، كما لم يكن فرق بين المعاد والمبتدإ ، وتعين العدد من لوازم وجود الشيء المتشخص.
احتج المجوزون بأنه لو امتنعت إعادة المعدوم ، لكان ذلك إما لماهيته وإما للازم ماهيته ، ولو كان كذلك لم يوجد ابتداء وهو ظاهر ، وإما لعارض مفارق فيزول الامتناع بزواله.
ورد بأن الامتناع لأمر لازم ، لكن لوجوده وهويته لا لماهيته ، كما هو ظاهر من الحجج المتقدمة.
وعمدة ما دعاهم إلى القول بجواز الإعادة ، زعمهم أن المعاد وهو مما نطقت به الشرائع الحقة ، من قبيل إعادة المعدوم.
ويرده أن الموت نوع استكمال لا انعدام وزوال.
__________________
(١) ولا مرجح لبعض تلك الأعداد ، فالحاصل حينئذ : أن التعين ، أي التشخص ، مما لا بد منه في الوجود ، لأن الشئ ما لم يتشخص لم يوجد ، مع أنه لا مرجح لتعين عدد خاص منها.
(٢) فإن قيل : هذا إنما يتم لو كان الموت استكمالا للروح والبدن جميعا وهو غير مسلم ، وأما لو كان استكمالا للروح فقط ، فالإشكال على حاله ، لأن إعادة البدن حينئذ من إعادة المعدوم.
قيل : شخصية الانسان بنفسه ، دون بدنه المتغير دائما ، فالإنسان العائد في المعاد بالنفس والبدن عين الانسان الذي كان في الدنيا ، سواء كان الموت استكمالا للروح فقط ، وكان البدن العائد معها بايجاد جديد ، أو كان الموت استكمالا للروح والبدن ، وكان البدن العائد مع الروح هو البدن الدنيوي المستكمل ، فالإنسان بنفسه وبدنه هو الذي كان في الدنيا بعينه *. ـ منه (رحمه الله) ـ.