كيفيات ثلاث لنسب القضايا ، وأن الوجوب والإمكان أمران وجوديان ، لمطابقة القضايا الموجهة بهما للخارج ، مطابقة تامة بما لها من الجهة ، فهما موجودان لكن بوجود موضوعهما ، لا بوجود منحاز مستقل ، فهما كسائر المعاني الفلسفية ، من الوحدة والكثرة والقدم والحدوث ، والقوة والفعل وغيرها ، أوصاف وجودية موجودة للموجود المطلق ، بمعنى كون الاتصاف بها في الخارج وعروضها في الذهن ، وهي المسماة بالمعقولات الثانية باصطلاح الفلسفة.
وذهب بعضهم إلى كون الوجوب والإمكان ، موجودين في الخارج بوجود منحاز مستقل ولا يعبؤ به ، هذا في الوجوب والإمكان ، وأما الامتناع فهو أمر عدمي بلا ريب.
هذا كله بالنظر إلى اعتبار العقل الماهيات ، والمفاهيم موضوعات للأحكام ، وأما بالنظر إلى كون الوجود ، هو الموضوع لها حقيقة لأصالته ، فالوجوب كون الوجود في نهاية الشدة ، قائما بنفسه مستقلا في ذاته على الإطلاق ، كما تقدمت (١) الإشارة إليه ، والإمكان كونه متعلق النفس بغيره ، متقوم الذات بسواه كوجود الماهيات ، فالوجوب والإمكان وصفان قائمان بالوجود ، غير خارجين من ذات موضوعهما.
__________________
(١) في الفصل الثالث.