وقد روي عن ابن عبّاس ـ رحمه الله ـ أنّه قال : والله ، ما أوجب علينا حفظ القرآن ولا تلاوته ، إلّا ما تيسّر منه في الصّلاة. وإنّما أوجب علينا فهم معانيه ، وما تضمّنه (١) من الأحكام والأوامر والنّواهي فيه. ولهذا قال ـ سبحانه ـ : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) (٢) فتوعّد على ذلك ، فكان فهم معانيه واجبا (٣).
وقد ورد عن بعض أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ أنّه قال : ما كنّا على عهد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ نجاوز الآية ، حتّى نعرف سببها ومعناها (٤).
وروي عن الحسن البصريّ ، أنّه قال : نزل القرآن ليعمل بما فيه النّاس ، فاتّخذوا تلاوته عملا. وكان أصحاب النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ الّذين هم قدوة بعده (٥) ، لا يحفظ الرّجل منهم أكثر من السّورة والسّورتين والثّلاث والأربع ، فإن تجاوز فالشّطر (٦). وما ختم القرآن ، على عهده [ـ صلّى الله عليه وآله ـ] (٧) إلّا ستّة نفر : عليّ ـ عليه السّلام ـ وعثمان بن عفّان ، وعبد الله بن عبّاس ـ رضي الله عنه ـ وزيد ابن ثابت ، وأبيّ بن كعب ، وعبد الله بن مسعود ـ رحمة الله عليهم ـ. (٨)
__________________
(١) م ، ج ، د : ضمنه.
(٢) النساء (٤) / ٨٢.
(٣) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.
(٤) ورد مؤدّاه في روايات : منها ما روى الطبري عن محمد بن علي بن الحسن بن شقيق المروزي عن أبيه عن الحسين بن واقد عن الأعمش عن شقيق عن ابن مسعود قال : كان الرجل منّا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهنّ حتّى يعرف معانيهنّ والعمل بهنّ. تفسير الطبري ١ / ٢٧ ـ ٢٨
(٥) ج : بعد.
(٦) ج : الشطر.
(٧) ج ، م : ـ عليه السّلام ـ.+ م زيادة : منهم.
(٨) لم نعثر عليه فيما حضرنا من المصادر.