والنّباهة والتّحقيق والإخاء ، فأجرينا الكلام بيننا في كتاب الله ـ تعالى ـ واحتوائه على كلّ أدب وعلم وتنبيه وعظة وفصاحة وحكم ، فأطلعتهم على ما يتردّد في خاطري (١) ويسنح في جناني وضمائري ، فحثّوني (٢) عليه ، وأرهقوا عزمي ومسارعتي إليه ، وقالوا في ضمن كلامهم : أنت تعلم ما في هذا ، من الذّكر الباقي الجميل والثّواب الوافي (٣) الجزيل ، مع ما روي في ذلك عن النّبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ [من قوله] (٤) : من نشر علما كان له مثل أجره ، ومثل أجر العامل به إلى يوم القيامة (٥).
فسارعت إلى تلبيتهم ، وبادرت إلى إجابتهم ، وشرعت في جمعه على كثرة قواطع الزّمان ومنعه. هذا ، مع اعترافي معهم بالتّقصير ، وقصوري عن استيفاء معاني كلام اللّطيف الخبير.
قال الله ـ تعالى ـ : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) (٦).
__________________
(١) ج ، د : خواطري.
(٢) ج : فحثّني به.
(٣) أ : الوافر.
(٤) ليس في أ.
(٥) ورد مؤدّاه في الكافي ١ / ٣٥ ح ٤ عن الباقر ـ عليه السلام ـ وبصائر الدرجات / ٢٥ ح ٨ عن الباقر ـ عليه السّلام ـ عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، وح ٩ عن الباقر ـ عليه السلام ـ ، وح ١١ عن الصادق ـ عليه السلام ـ وعنه البحار ١ / ١٧٣ ح ٣٥ و ٣٦ ، وج ٢ / ١٧ ح ٤٣ وفي المحاسن / ٢٧ ح ٩ عن الباقر ـ عليه السلام ـ وعنه البحار ٢ / ١٩ ح ٥٣. ولمزيد الفائدة نأتي بما رواه الكليني عن عليّ بن إبراهيم ، عن أحمد بن محمد البرقي ، عن عليّ بن الحكم ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السلام ـ يقول : من علّم خيرا فله مثل أجر من عمل به ، قلت : فإن علّمه غيره يجري ذلك له؟ قال : إن علّمه الناس كلّهم جرى له ، قلت : فإن مات؟ قال : وإن مات. الكافي ١ / ٣٥ ، ح ٣.
(٦) لقمان (٣١) / ٢٧.