في الحديث [ولغطهم وشوقهم] (١). قال وهيب : فأولت أن البيت يشكوا إلى جبرئيل.
(وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ) فيجازكم به.
(وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى).
قال المفسّرون : كان ناس من أهل اليمن يحجون بغير زاد ويقولون : نحن متوكّلون ، ويقولون : نحن نحج بيت الله أفلا يطعمنا [...] (٢) بدء بما ظلموا الناس وغصبوهم الله ، فأمرهم الله أن يتزودوا ولا يظلموا وأن لا يكونوا وبالا على الناس فقال (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى) ويكفون به وجوههم.
قال المفسرون : الكعك والزيت والسويق والتمر ونحوها.
وروى نافع عن ابن عمر قال : كانوا إذا أحرموا ومعهم أزودة رموها واستبقوا زاد الآخرة ، فأنزل الله (وَتَزَوَّدُوا) نهاهم عن ذلك وأمر بالتحفظ للزاد ، والزود لمن لم يتزود فأمرهم بالتقوى بكف الظلم قال (فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى).
قال أهل الإشارة : ذكرهم الله سفر الآخرة وحثهم على التزود بالدارين فإن التقوى زاد الآخرة.
قال الشاعر :
الموت بحر طامح موجه |
|
تذهب فيه حيلة المسابح |
قال آخر :
لا يصحب الإنسان في قبره |
|
إلا التقى والعمل الصالح |
قال الأعشى :
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى |
|
ولاقيت بعد الموت من قد تزودا |
ندمت على ألّا تكون كمثله |
|
وأنك لم ترصد كما كان أرصدا (٣) |
قال مالك بن دينار : مات بعض قراء البصرة فمزحنا في جنازة وانصرفنا ، فصعد سعدون المجنون وتلا في المقبرة ونادى المتصوفين فأنشأ يقول :
لا يا عسكر الأحياء هذا عسكر الموتى |
|
أجابوا الدعوة الصغرى وهم منتظرو الكبرى |
يحنون على الزاد وما الزاد سوى القرى |
|
يقولون لكم جهزوا فهذا غاية الدنيا |
__________________
(١) هكذا في الأصل.
(٢) كلمة غير مقروءة.
(٣) راجع تفسير القرطبي : ٢ / ٤١٢.