(وَالْمَلائِكَةُ).
قرأ ابن جعفر بالخفض : عطفا على (الْغَمامِ) وتقديره مع الملائكة ، تقول العرب : أقبل الأمير في العسكر أي مع العسكر (١).
وقرأها الباقون : بالرفع على معنى إلّا أن يأتيهم الله والملائكة في ظلل من الغمام ، يدلّ عليه قراءة أبي حاتم وعبد الله هل ينظرون إلّا أن يأتيهم الله والملائكة.
(فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ).
أبو العالية والربيع : تأتيهم الملائكة في ظلل من الغمام ويأتي الله تعالى فيما يشاء.
قرأ معاذ : في ظلل مع الغمام وقضاء الأمر [بالمد] أراد المصدر ذكر البيان عن مغني الإتيان.
واختلف الناس في ذلك ، فقال بعضهم : (في) بمعنى الباء ، وتعاقب حروف الصفات شائع مشهور في كلام العرب ، تقدير الآية : إلّا أن يأتيهم الله بظلل من الغمام وبالملائكة أو مع الملائكة ، وبهذا التأويل زال الإشكال وسهل الأمر [وأجرى] الباقون للآية فهي ظاهرة.
ثم اختلفوا في تأويلها ففسّره قوم على الإتيان الذي هو الانتقال من مكان إلى مكان وأدخلوا فيه بلا كيف [يدل عليه] ظواهر أخبار وردت لم يعرفوا تأويلها وهذا غير مرضيّ من القول لأنه إثبات المكان لله سبحانه ، وإذا كان متمكنا وجب أن يكون محدودا متناهيا ومحتاجا وفقيرا ، وتعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا.
وقال بعض المحقّقين الموفّقين أظنّه علي بن أبي طالب عليهالسلام : «من زعم أن الله تعالى من شيء أو في شيء أو على شيء فقد ألحد ، لأنه لو كان من شيء لكان محدثا ، ولو كان في شيء لكان محصورا ، ولو كان على شيء لكان محمولا» [١٠٧] (٢).
وسكت قوم عن الخوض في معنى الإتيان فقالوا : نؤمن بظاهره ونقف عن تفسيره ؛ لأنّا قد نهينا أن نقول في كتاب الله تعالى ما لا نعلم ولم ينبّهنا الله تعالى ولا رسوله على حقيقة معناه.
قال يحيى : هذه من [المكتوم] الذي لا يفسّر ، وكان مالك والأوزاعي ومحمد وإسحاق وجماعة من المشايخ يقولون فيه وفي أمثاله أمرّوها كما جاءت بلا كيف.
وزعم قوم أن في الآية إضمارا أو اختصارا تقديرها : إلّا أن يأتيهم أمر الله وهو الحساب والعذاب ، دلّ عليه قوله : (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) الآية وجب العذاب وفرغ من الحساب ، قالوا هذا
__________________
(١) راجع تفسير القرطبي : ٣ / ٢٥.
(٢) بتفاوت في التوحيد للصدوق : ١٧٨ ح ٩.