كقوله : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (١) ويقول العرب : قطع الوالي اللّص يعني يده وإنما فعل ذلك آخر أنه بأمره.
ويقال : خطبتان مأتينا بنو أمية أي حكمهم.
وعلى هذا يحمل قوله : (وَلكِنَّ اللهَ رَمى) (٢) لأن الله تعالى قال ذلك ، وهذا معنى قول الحسن البصري.
وقالت طائفة من أهل الحقائق : إن الله يحدث فعلا يسميه إتيانا كما سمعت فهلّا سمّاه نزولا وأفعاله بلا آلة ولا علّة.
قال الثعلبي : قلت : ويحتمل أن يكون معنى الإتيان هاهنا راجعا إلى الجزاء ؛ فسمّى الجزاء إتيانا كما سمّى التخويف والتعذيب في قصّة نمرود إتيانا فقال عزّ من قائل : (فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) (٣).
وقال في قصّة بني النضير : (فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) (٤) (وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى) (٥) : وإنّما احتمل الإتيان هذه المعاني لأنّ أصل الإتيان عند أهل اللسان هو القصد إلى المشي في للآية فهل ينظرون إلّا أن يظهر الله خلاف أفعاله مع خلق من خلقه فيقصد إلى مجازاتهم ويقضي في لعنهم ما هو قاض ومجازيهم على فعل ويمضي فيهم ما أراد ، يدلّ عليه ما روى صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا كان يوم القيامة فإنّ الله عزوجل في ظلال من الغمام والملائكة فيتكلم بكلام طلق ذلق فيقول : انصتوا فطالما أنصت لكم منذ خلقتكم أرى أعمالكم وأسمع أقوالكم وإنّما من عصابتكم بقي أهليكم ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك لا يلومنّ إلّا نفسه» [١٠٨] (٦).
(سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢١١) زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ (٢١٢) كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ
__________________
(١) سورة يونس : ٨٢.
(٢) سورة الأنفال : ١٧.
(٣) سورة النحل : ٢٦.
(٤) سورة الحشر : ٢.
(٥) سورة الأنبياء : ٤٧.
(٦) بتفاوت في الأحاديث الطوال : ٩٨ ح ٣٦ ورواه بسنده عن محمد بن كعب عن أبي هريرة.