مبعث نوح عليهالسلام (أُمَّةً واحِدَةً) على ملّة واحدة وهي الكفر ، كانوا كفارا كلّهم أمثال البهائم (فَبَعَثَ اللهُ) نوحا وإبراهيم وغيرهما من النبيين.
قتادة وعكرمة : (كانَ النَّاسُ) من وقت آدم إلى مبعث نوح (أُمَّةً واحِدَةً) ، وكان بين آدم ونوح عشرة قرون كلّهم على شريعة واحدة من الحق والهدى ، ثم اختلفوا في زمن نوح عليهالسلام ؛ (فَبَعَثَ اللهُ) إليهم نوحا وكان أول نبي بعث ثم بعث بعده (النَّبِيِّينَ).
وقال الكلبي والواقدي : أهل سفينة نوح كانوا مؤمنين كلّهم ثم اختلفوا بعد وفاة نوح.
(فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ) وروي عن ابن عباس قال : (كانَ النَّاسُ) على عهد إبراهيم (أُمَّةً واحِدَةً) ، كفارا كلّهم ، وولد إبراهيم في جاهلية (فَبَعَثَ اللهُ) إليهم إبراهيم وغيره من النبيين.
روى الربيع عن أبي العالية عن أبي قال : (كانَ النَّاسُ) حين عرضوا على آدم وأخرجوا من ظهره وأقروا بالعبودية (أُمَّةً واحِدَةً) مسلمين كلّهم ، ولم يكونوا أمة واحدة قط غير ذلك اليوم ، ثم اختلفوا بعد آدم فبعث الله الرسل وأنزل الكتب ، وكذلك في قراءة أبيّ وعبد الله بن إسحاق : فاختلفوا فبعث الله النبيين.
وقال محمد بن يسار ومجاهد : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) يعني آدم وحده ، سمّي الواحد بهذا لأنه يحمل النسل وأبو البشر ، ثم خلق الله حوّاء ونشر منهما الناس فانتشروا وكثروا وكانوا مسلمين كلّهم إلى أن قتل قابيل هابيل فاختلفوا حينئذ فبعث الله حينئذ.
قال الثعلبي : ورأيت في بعض التفاسير : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) في [الجنة] لا أمر عليهم ولا نهي (فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ) وجملتهم مائة وأربعة وعشرون ألفا ، والرسل منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر ، والمذكور في القرآن باسم العلم ثمانية وعشرون نبيا.
(مُبَشِّرِينَ) بالثواب من آمن وأطاع (وَمُنْذِرِينَ) محذّرين بالعذاب من كفر وعصى.
موسى بن عبيد عن محمد بن ثابت عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «صلّوا على أنبياء الله ورسله فإن الله بعثهم كما بعثني» [١١٢] (١).
(وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ) أي الكتب فأنزل معهم الكتاب (بِالْحَقِ) بالعدل والصدق (لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ) قراءة العامة بفتح الياء وضم الكاف وهو في القرآن في أربعة مواضع : هاهنا وفي آل عمران وفي النور موضعان.
وقرأها كلّها أبو جعفر القارئ وعاصم الجحدري بضم الياء وفتح الكاف لأنّ الكتاب الحكم على الحقيقة إنّما يحكم به ، ولقراءة العامة وجهان : أحدهما على سعة الكلام كقوله
__________________
(١) فضل الصلاة على النبي للجهضمي : ٤٨ ، وتفسير ابن كثير : ٣ / ٥٢٣.