نفسك [لأنّه حاد] بك عن سبيلهم.
[شعبة عن عاصم بن بهدلة] عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه سأل النبي صلىاللهعليهوسلم : أيّ الناس أشدّ بلاء فقال : «الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل من الناس ، فيبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان صلب الدين اشتدّ بلاؤه ، وإن كان في دينه رقّة فهي على حسب ذلك ، ولا يبرح البلاء عن العبد حتى يدعه يمشي على الأرض وليس عليه خطيّة» [١١٣] (١).
وعن عبد الرحمن بن ذهل قال : كان وزير عيسى عليه الصلاة والسلام ركب يوما فأخذه السبع فأكله فقال عيسى : يا ربّ! وزيري في دينك ، وعوني على بني إسرائيل ، وخليفتي من سلّطت عليه كلبك فأكله ، قال : نعم كانت له عندي منزلة رفيعة ، لم أجد عمله بلغها فابتليته بذلك لأبلغه تلك المنزلة.
(يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ) الآية ، نزلت في عمرو بن الجموح ، وكان شيخا كبيرا ذا مال ، فقال : يا رسول الله بما ذا أتصدق وعلى من أتصدق؟ فأنزل الله صلىاللهعليهوسلم : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ) وفي قوله (ذا) وجهان من الأعراب : أحدهما أن يكون (ما ذا) بمعنى أيّ شيء وهو [متعلق] بقوله (يُنْفِقُونَ) وتقديره : يسألونك أي شيء ينفقون ، والآخر أن يكون رفعا بـ (ما) والمعنى : ويسألونك ما الذي ينفقون؟ (قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ) أي مال (فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) عالم به بتعاليم الدين ، هذا قبل أن فرض الزكاة فنسخت الزكاة هذه الآية.
(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٢١٦) يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢١٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢١٨) كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ) فرض عليكم القتال ، واختلف العلماء في حكم هذه الآية ، فقال بعضهم : عنى بذلك أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم خاصة دون غيرهم ، وقال ابن جريج قلت لعطاء : قوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) أواجب الغزو على الناس من
__________________
(١) مسند أحمد : ١ / ١٧٤.