روى عبادة بن الصامت أن النبي صلىاللهعليهوسلم «ليستحلّنّ ناس من أمتي الخمر باسم يسمّونها إيّاه» [١٢٧] (١).
ويروى عنه أنه قال صلىاللهعليهوسلم «أما الخمر لم تحرّم لاسمها إنّما حرّمت لما فيها ، وكل شراب عاقبته الخمر فهو حرام» [١٢٨] (٢).
وحكي أنّ رجلا من حكماء العرب قيل له : لم لا تشرب النبيذ؟ فقال : الله منحني عقلي صحيحا ، فكيف أدخل عليه ما يفسده (٣).
(وَالْمَيْسِرِ) يعني القمار قال ابن عباس : كان الرجل في الجاهلية يقامره الرجل على أهله وماله فأيهما قمر صاحبه ذهب بماله وأهله فأنزل الله تعالى هذه الآية.
والمسير مفعل من قول القائل : يسر هذا الشيء إذا وجب فهو ييسر يسرا وميسرا ، والياسر الرامي بقداح وجب ذلك أو مباحه أو غيرهما ، ثم قيل للقمار : ميسر ، وللمقامر : ياسر ويسر قال النابغة :
أو ياسر ذهب القداح بوفره |
|
أسف نأكله الصديق مخلع |
وقال الآخر :
فبتّ كأنني يسر غبين |
|
يقلب بعد ما اختلع القداحا (٤) |
وقال مقاتل : سمّي ميسرا لأنهم كانوا يقولون : يسر هو لنا ثمن الجزور ، وكان أصل اليسر في الجزور ، وذلك أنّ أهل الثروة من العرب كانوا يشترون جزورا فيحزّونها ويجزونها اجتزاء.
واختلفوا في عدد الأجزاء فقال أبو عمرو : عشرة وقال الأصمعي : إنما هي عشرون ثم يضمّون عليها عشرة قداح ويقال : منه الأزلام والأقلام سبعة منها لها أنصباء هي : الفذ وله نصيب واحدة ، والتّوأم وله نصيبان ، والرفت وله ثلاثة ، والجلس وله أربعة ، والنافس وله خمسة ، والمسيل وله ستة ، والمغليّ وله سبعة ، وثلاثة منها لا أنصباء لها وهي النسيج والسفنج والوغد.
ثم يجعلون القداح في خريطة تسمى الربابة ، قال أبو ذؤيب :
وكأنّهنّ ربابة وكأنّه |
|
يسر يفيض على القداح ويصدع (٥) |
__________________
(١) الدر المنثور : ٣٢٤ ، بتفاوت.
(٢) سنن الدار قطني : ٤ / ١٧١.
(٣) كتاب (ذم السكر) لابن أبي الدنيا : ٧٧ ، وفيه : والله ما أرضى عقلي صحيحا ...
(٤) تفسير الطبري : ٢ / ٤٧٥.
(٥) تفسير الطبري : ١٤ / ٩٠ ، والصحاح : ١ / ١٣٢.