عن يزيده مولاة ميمونة زوج النبي صلىاللهعليهوسلم عن ميمونة قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يباشر المرأة من نسائه وهي حائض إذا كان عليها إزار يبلغ إلى أنصاف الفخذين أو الركبتين (١).
إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت : كنت أغتسل أنا ورسول الله صلىاللهعليهوسلم من إناء واحد ، ونحن جنبان وكنت أفلي رأس رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو معتكف في المسجد وأنا حائض ، وكان يأمرني إذا كنت حائضا أن أتّزر ثم يباشرني.
ثابت بن عبيدة عن القاسم عن عائشة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : ناوليني الخمرة فقالت : إني حائض فقال : «إنّ حيضتك ليست في يدك» (٢).
وعن شريح قال : قيل لعائشة : هل تأكل المرأة مع زوجها وهي طامث؟ قالت : نعم ، كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدعوني فآكل معه وأنا حائض ، وكان يأخذ العرق فيقسم عليّ فيه فأعرّق منه ، ثم أضعه فيأخذ فيعرّق منه ويضع فمه حيث وضعت فمي من العرق ويدعو بالشراب فيقسم عليّ قبله أن أشرب منه فآخذه وأشرب منه ، ثم أضعه فيأخذه ويشرب منه ويضع فمه حيث وضعت فمي من القدح.
فدلّت هذه الأخبار على أنّ المراد بالاعتزال عن الحيض جماعهنّ ، وذلك أن المجوس واليهود كانوا يجتنبون الحيّض في كل شيء ، وكان النصارى يجامعوهن ولا يبالون بالحيض ، فأنزل الله تعالى بالاقتصاد بين هذين الأمرين ، وخير الأمور أوسطها.
ثابت عن أنس قال : أنزل الله عزوجل : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ) الآية فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : افعلوا كل شيء إلّا الجماع ، فبلغ ذلك اليهود فقالوا : ما يريد هذا الرجل ، لم يدع من أمرنا شيئا إلّا خالفنا فيه ، فجاء أسد بن حصين وعباد بن شبر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالا : يا رسول الله إنّ اليهود قالت كذا وكذا ، أفلا نجامعهنّ؟ فتغيّر وجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فظنّا أن قد وجد عليهما ، فخرجا فاستقبلتهما هدية من لبن إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأرسل في آثارهما فسقاهما فعرفا أن لم يجد عليهما.
(وَلا تَقْرَبُوهُنَ) يعني لا تجامعوهنّ ، (حَتَّى يَطْهُرْنَ) قرأ ابن محيص والأعمش وعاصم وخمرويه والكسائي يطّهّرن بتشديد الطاء والهاء ومعناه يغتسلن ، يدلّ عليه قراءة عبد الله حتّى يتطهّرن بالتاء على الأصل ، وقرأ الباقون (يَطْهُرْنَ) مخففا ومعناه (حَتَّى يَطْهُرْنَ) من حيضهنّ وينقطع الدم.
__________________
(١) المحلى لابن حزم : ١٠ / ٧٨.
(٢) مسند أحمد : ٦ / ٤٥. ١١٢ ، وصحيح مسلم : ١ / ١٦٨.