(نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) الآية ، جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : جاء عمر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله هلكت ، قال : ما الذي أهلكك؟ قال : حوّلت رحلي البارحة فلم يردّ عليّ شيئا فأوحى الله تعالى (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) يقول أقبل وأدبر واتق الدّبر والحيضة (١).
محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال : كان اليهود يقولون : من جامع امرأته وهي مجبّية من دبرها في قبلها كان ولدها أحول ، فذكر ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : كذبت اليهود فأنزل الله تعالى (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) (٢).
مجاهد عن ابن عباس قال : كان هذا الحي من الأنصار ، وهم أهل وثن مع هذا الحي من اليهود ، وهم أهل كتاب ، وكانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم ، فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم وكان من شأن أهل الكتاب أن لا يأتوا النساء إلّا على حرف ، وذلك أيسر ما يكون للمرأة ، فكان هذا الحي من الأنصار يأخذون بذلك من فعلهم ، وكان هذا الحي من قريش يشرح عن النساء شرحا منكرا ، ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات ومستلقيات ، فلمّا قدم المهاجرون المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار ، فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه وقالت : إنما كنا نؤتى على حرف فإن شئت فاصنع وإلّا فاجتنبني ، حتى انتشر أمرهما فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأنزل الله عزوجل (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ) يعني موضع الولد (٣) قالوا : (حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) مدبرات ومقبلات ومستلقيات.
قال الحسن وقتادة والمقاتلان والكلبي تذاكر المهاجرون والأنصار واليهود إتيان النساء في مجلس لهم فقال المهاجرون : إنّا نأتيهن باركات وقائمات ومستلقيات ومن بين أيديهن ومن خلفهن ، بعد أن يكون المأتي واحدا في الفرج ، فعابت اليهود وقالت : ما أنتم إلّا أمثال البهائم لكنّا نأتيها على هيئة واحدة ، فإنا لنجد في التوراة أن كل إتيان يؤتى للنساء غير الاستلقاء دنس عند الله ، ومنه يكون الحول والخبل ، فذكر المسلمون ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وقالوا : يا رسول الله إنّا كنا في جاهليتنا وبعد ما أسلمنا نأتي النساء كيف شئنا ، فإنّ اليهود عابت ذلك علينا وزعمت أنّا كذا وكذا ، فكذّب الله عزوجل اليهود ، وأنزل رخصة لهم (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) أي كيف شئتم وحيث شئتم ومتى شئتم بعد أن يكون في [فرج] واحد (٤).
(أَنَّى) حرف استفهام ويكون سؤالا عن الحال والمحلّ.
وقال سعيد بن المسيب : هذا في العزل يعني إن شئتم فاعزلوا وإن شئتم فلا تعزلوا.
__________________
(١) مسند أحمد : ١ / ٢٩٧.
(٢) صحيح مسلم : ٣ / ١٥٦.
(٣) تفسير ابن كثير : ١ / ٢٦٨.
(٤) أسباب النزول للواحدي : ٤٩.