الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من نذر فيما لا يملك فلا نذر له ، ومن حلف على معصية الله فلا يمين له» [١٣٦] (١).
وروت عمرة عن عائشة ، قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من حلف على قطيعة رحم أو معصية فبرّه أن يحنث منها ويرجع عن يمينه» [١٣٧] (٢).
وروى حماد عن إبراهيم قال : لغو اليمين أن يصل الرجل كلامه بأن يحلف : والله لا آكلنّ أو لا أشربنّ ، ونحو هذا لا يتعمد به اليمين ولا يريد حلفا فليس عليه كفارة يدل عليه ما روى عوف الأعرابي عن الحسين بن أبي الحسن ، قال : مرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقوم ينتضلون ومعه رجل من أصحابه ، فرمى رجل من القوم فقال : أصبت والله وأخطأت ، فقال الذي مع النبي صلىاللهعليهوسلم : حنث الرجل ، قال والله ، فقال : «كلا ، أيمان الرماة لغو لا كفارة فيها ولا عقوبة» [١٣٨] (٣).
وقالت عائشة : أيمان اللغو ما كان في الهزل والمراء والخصومة ، والحديث الذي لا يعقد القلب عليه.
وقال زيد بن أسلم : هو دعاء الحالف على نفسه كقوله : أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا ، أخرجني من مالي إن لم أرك غدا ، أو تقول : هو كافر إن فعل كذا ، فهذا كلّه لغو إذا كان باللسان دون القلب لا يؤاخذه الله بها حتّى يكون ذلك من قلبه ولو واحدة بها لهلك ، يدلّ عليه قوله (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ).
الضحاك : هو اليمين المكفّر وسمي لغوا لأن الكفارة تسقط منه الإثم ، تقديره : لا يؤاخذكم الله بالإثم في اليمين إذا كفّرتم. المغيرة عن إبراهيم : هو الرجل يحلف على الشيء ثم ينسى فيحنث [بالله] فلا يؤاخذه الله عزوجل به ، دليله قوله صلىاللهعليهوسلم : «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» [١٣٩] (٤).
(وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) أي عزمتم وقصدتم وتعمّدتم لأن كسب القلب العقد على الشيء والنيّة.
(وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) الآية.
اعلم أنّ الأيمان على وجوه : منها أن يحلف على طاعة كقوله : والله لأصلينّ أو لأصومنّ أو لأحجّنّ أو لأتصدقنّ ونحوها ، فإن كان فرضا عليه فالواجب عليه أن لا يحنث ، فإن حنث
__________________
(١) المستدرك : ٤ / ٣٠٠.
(٢) جامع البيان للطبري : ٢ / ٥٥٨.
(٣) مجمع الزوائد : ٤ / ١٨٥ ، وتفسير الطبري : ٢ / ٥٥٩.
(٤) سنن ابن ماجة : ١ / ٦٥٩ ح ٢٠٤٢ ، وفيه : وضع عن أمتي.