فعليه الكفارة ، لأنه كان فرضا عليه فزاده تأييدا باليمين ، وإن كان ذلك تطوعا ففيه قولان : أحدهما أنّ عليه الكفارة بالحنث فيه ، والقول الثاني : عليه بالوفاء بما قال ولا يجزيه غيره ، ومنها أن يحلف على معصية وقد ذكرنا حكمه والاختلاف فيه ، ومنها أن يحلف على مباح ، وهو على ضربين : من ماض ومستقبل ، فاليمين على المستقبل مثل أن يقول : والله لأفعلنّ كذا ، والله لا أفعل كذا ، فإنّ هذا إذا حنث فيه لزمته الكفارة بلا خلاف ، واليمين على الماضي مثل أن يقول : والله لقد كان كذا ولم يكن ، أو لم يكن كذا وقد كان ، وهو عالم به فهو اليمين الغموس الذي يغمس صاحبه في الإثم لأنّه تعمد الذنوب ، ويلزمه الكفارة عندنا ، وقال أبو حنيفة : لا يلزمه الكفارة وتحصيله كاللغو.
ثم اعلم أن المحلوف به على ضروب : ضرب منها يكون يمينا ظاهرا وباطنا ، ويلزم المرء الكفارة بالحنث فيها ، وهو قول الرجل : والله وبالله وتالله ، فهذه أيمان صريحة ولا يعتبر فيها النية ، والضرب الثاني أن يحلف بصفة من صفات الله عزوجل كقوله : وقدرة الله وعظمة الله وكلام الله وعلم الله ونحوها ، فإنّ حكم هذا كحكم الضرب الأول سواء ، والضرب الثالث أن يحلف بكنايات اليمين كقوله : أيم الله وحق الله وقسم الله ولعمرو الله ونحوها ، فهذا يعتبر فيها النية ، فإن نوى اليمين كان يمينا ، وإن قال : لم أرد به اليمين قبلنا قوله فيه ، والضرب الرابع : أن يحلف بغير الله مثل أن يقول : والكعبة والصلاة واللوح والقلم وحق محمد وأبي وحياتي ورأس فلان ونحوها ، فهذا ليس بيمين ، ولا يلزم الكفارة بالحنث فيه ، وهو يمين مكروه فيه ، قال الشافعي : والمعنى أن يكون [...] (١).
عبد الله بن دينار قال : سمعت ابن عمر يقول : كانت قريش تحلف بآبائها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من كان حالفا فليحلف بالله ، لا تحلفوا بآبائكم» [١٤٠] (٢). وسمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم [عمر] (٣) يقول : وأبي فنهاه عن ذلك ، قال عمر : فما حلفت بهذا بعد ذاكرا ولا آثرا.
(لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧) وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٨) الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَنْ يَخافا أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٢٩)
__________________
(١) كلام غير واضح.
(٢) مسند أحمد : ٢ / ٣٠.
(٣) زيادة يقتضيها السياق.