لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) قتادة : كان الإيلاء طلاق أهل الجاهلية.
سعيد بن المسيّب : كان ذلك من ضرار أهل الجاهلية ، كان الرجل لا يريد المرأة ولا يحبّ أن يتزوجها غيره يحلف ألّا يقربها أبدا ، وكان يتركها كذلك لا أيّما ولا ذات بعل ، وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية وفي الإسلام ، فجعل الله الأجل الذي يعلم به عند الرجل في المرأة وهي أربعة أشهر ، فأنزل الله تعالى (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ) وفي حرف عبد الله للذين آلوا من نسائهم على أنها الماضي ، وقرأ ابن عباس : للذين يقسمون من نسائهم. الإيلاء : الحلف ، يقال : آلى يولي ، إيلاء ، قالت الخنساء :
فآليت آسى على هالك |
|
أو أسأل نائحة مالها (١) |
والاسم منه الألية ، قال الشاعر :
عليّ ألية وصيام |
|
أمسك طارها ألّا يكفّ |
وفيه أربع لغات ، أليّة وألوة وللوة وآلوة ومعنى الآية (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ) أن يعتزلوا من نسائهم ، فترك ذكره اكتفى بدلالة الكلام عليه ، والتربّص : التريث والتوقف ، وزعم بعضهم أنّه من المقلوب ، قالوا : التربّص : التصبّر ، فمثلا أن يحلف الرجل أن لا يقرب امرأته فيقول لها : والله لا أجامعك أو لا يجتمع فراشي بفراشك ، ونحو ذلك من ألفاظ الجماع ، وكل حين يحلفها الرجل على امرأته فيصير ممتنعا من جماعها أكثر من أربعة أشهر إلّا بشيء [يكون] في بدنه وماله فهو إيلاء ، وما كان دون أربعة شهر فليس بإيلاء.
وكان علي بن أبي طالب رضياللهعنه يقول : الإيلاء يمين في الغضب فإذا حلف في حال الرضا فليس بإيلاء ، وعامة الفقهاء يجرونه على العمد ، ويلزمون الإيلاء في كل يمين منع من جماعها في حال الرضا والغضب ، فإذا آلى تبان فإن هو جامع قبل مضي أربعة أشهر كفّر عن يمينه ولا شيء عليه ، والنكل ثابت هو إن هو لم يجامع حتّى تنقضي أربعة أشهر ، فاختلف الفقهاء فيه ، فقال بعضهم : إذا مضت أربعة أشهر ولم يف بانت منه بتطليقة وهي أملك بنفسها ، وهذا قول عبد الله بن مسعود ومحمد بن ثابت وقتادة ومقاتل بن حبّان والكلبي وأبي حنيفة ، يدلّ عليه قول ابن عباس : عزيمة الطلاق إمضاء أربعة أشهر.
وقال بعضهم : إذا مضت أربعة أشهر والرجل ممتنع فإن عفّت المرأة ولم تطلب حقّها من الجماع فلا شيء على الرجل ولا يقع به طلاق وهما على نكاح ما لو قامت على ذلك ، وإن
__________________
(١) زاد المسير : ٤ / ٢٠٤ ، وكتاب العين : ٨ / ٣٤٩ ، ولسان العرب : ١٥ / ٤٦٥.