وقتادة ومقاتل : يعني الحمل في الولد ، فمعنى الآية لا يحلّ لهنّ أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن من الحيض والحمل ليبطلن حق الزوج في الرجعة والولد ، فإنّ المرأة أمينة على فرجها.
(إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَ) أزواجهنّ ، وهو جمع بعل ، كالفحولة والذكورة والحزولة والخيوطة ، ويقال : تبعّلت المرأة إذا تزوجت ، ومنه قيل للجماع بعال ، وإنما سمي الزوج بعلا لقيامه بأمور زوجته ، وأصل البعل السيّد والمالك ، قال الله تعالى (أَتَدْعُونَ بَعْلاً) وقرأ مسلم بن محارب وَبُعُولَتْهُنَّ بإسكان التاء لكثرة الحركات ، والاتباع أفصح وأحسن وأوفق وأولى.
(أَحَقُ) أولى (بِرَدِّهِنَ) أي برجعتهن (فِي ذلِكَ) أي في حال العدّة (إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً) لا إضرارا ، وذلك إن الرجل إذا أراد الإضرار بامرأته طلّقها واحدة وتركها حتّى إذا قرب انقضاء عدّتها راجعها ، ثم تركها مدّة ، ثم طلّقها أخرى وتركها كما فعل في الأولى ، ثم راجعها فتركها مدّة ثم طلقها (وَلَهُنَ) أي وللنساء على أزواجهنّ (مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَ) من الحق.
يروى أن امرأة معاذ قالت : يا رسول الله ما حق الزوجة على زوجها؟ قال : «أن لا يضرب وجهها ، وأن لا يقبحها ، وأن يطعمها مما يأكل ، ويلبسها مما يلبس ولا يهجرها» [١٤٢] (١).
المبارك بن فضالة عن الحسن قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «استوصوا بالنساء خيرا فإنّهن عندكم عوان لا يملكنّ لأنفسهن شيئا» (٢) «إنما اتخذتموهنّ بأمانة الله واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله» [١٤٣] (٣).
وعن ميمونة زوج النبي صلىاللهعليهوسلم قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «خيار الرجال من أمتي خيرهم لنسائهم ، وخير النساء من أمتي خيرهنّ لأزواجهنّ ، يرفع لكل امرأة منهنّ كل يوم وليلة أجر ألف شهيد قتلوا في سبيل الله صابرين محتسبين ، ولفضل إحداهنّ على الحور العين كفضل محمّد على أدنى رجل منكم ، وخير النساء من أمتي من تأتي مسيرة زوجها في كل شيء يهواه ما خلا معصية الله عزوجل ، وخير الرجال من أمتي من يلطف بأهله لطف الوالدة بولدها ، يكتب لكل رجل منهم في كل يوم وليلة أجر مائة شهيد قتلوا في سبيل الله محتسبين صابرين».
فقال عمر بن الخطاب رضياللهعنه : يا رسول الله فكيف يكون للمرأة أجر ألف شهيد وللرجل مائة شهيد؟ قال : «أو ما علمت أن المرأة أعظم أجرا من الرجل ، وأفضل ثوابا ، وأنّ الله عزوجل ليرفع الرجل في الجنة درجات فوق درجاته برضا زوجته عنه في الدنيا ودعائها له؟ أوما
__________________
(١) تفسير مجمع البيان : ٢ / ١٠٠.
(٢) سنن ابن ماجة : ١ / ٥٩٤ / من حديث ١٨٥١.
(٣) مسند أحمد : ٥ / ٧٣.