من الأضداد يصلح للمعنيين جميعا ، يقول أقرأت المرأة إذا حاضت وأقرأت إذا طهرت ، فهي تقرى ، واختلفوا في أصلها ، فقال أبو عمر وأبو عبيدة هو وقت مجيء الشيء وذهابه ، يقال : رجع فلان لقرئه وقاريه أي لوقته الذي يرجع فيه ، وهذا قاري الرياح أي وقت هبوبها (١).
قال مالك بن الحرث الهذلي :
كرهت العقر عقر بني شليل |
|
إذا هبّت لقارئها الرياح (٢) |
أي لوقتها ، ويقال : أقرأت النجوم إذا طلعت ، وأقرأت إذا أفلت.
قال كثير :
إذا ما الثريا وقد أقرأت |
|
أحسّ السما كان منها أفولا |
فالقرء للوجهين ، لأن الحيض يأتي لوقت والطهر يأتي لوقت ، وقيل : هو من [قرء الماء في الحوض ، وهو جمعه] ، قال عمرو بن كلثوم :
ذراعي عيطل إذماء بكر |
|
هجان اللون لم تقرأ جنينا (٣) |
أي لم تحمل ، ولم تضم في رحمها ، وإنما تقول العرب : ما قرأت الناقة بلا قرط أي لا تضمّ رحمها على ولد ، ومنه قولهم : قرأت القرآن أي نطقت به مجموعا ، هذا اختيار الزجّاج.
قال : ومنه قريت الماء في المقراة ، ترك همزها والأصل فيه الهمز ، فالقرء احتباس الدم واجتماعه وهو يكون في حال الطهر والحيض جميعا ، إلّا أن الترجيح للطهر لأنّه يجمع الدم ويحبسه ، والحيض يرخّيه ويرسله والله أعلم.
حكم الآية
اعلم أن لفظها خبر ومعناها أمر ، كقوله (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَ) وأمثاله ، والعدّة على ضربين : عدّة المطلقة وعدة المتوفى عنها زوجها ، فعدّة المطلقة على ثلاثة أضرب : عدة الحائض ثلاثة قروء ، وعدّة الحامل أن تضع حملها ، وعدّة الصغيرة التي لم تحض والكبيرة التي آيست ثلاثة أشهر ، وعدّة المتوفى عنها زوجها ضربان : إن كانت حاملا فعدّتها أن تضع حملها وإلّا فعدّتها أربعة أشهر وعشرة ، وعدّة الإماء فيما له نصف ومن الأقراء قرآن لأنها لا نصف ولا عدّة على متن لم يدخل بها إذا توفي عنها زوجها ، فعدّتها (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) ...
(وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَ) قال عكرمة وإبراهيم : يعني الحيض ، وهو أن تعتدّ المرأة فيريد الرجل أن يراجعها فتقول : إنّي قد حضت الثالثة. ابن عباس
__________________
(١) زاد المسير : ١ / ٢٣٢.
(٢) الصحاح للجوهري : ١ / ٦٤.
(٣) تفسير الطبري : ١ / ٦٥ ، والصحاح : ٥ / ١٧٦٨.