فقال : من أين هذا؟
قالت : من الطعام الذي جئت به ، فعرف أنّ الله رزقه فحمد الله.
قال : ثم بعث الله ملكا إلى الجبّار أن آمن بي فأتركك على ملكك ، فقال نمرود : وهل ربّ غيري؟! فجاءه الثانية فقال له مثل ذلك ، فأبى عليه ، ثم أتاه الثالثة فأبى عليه وقال : لا أعرف الذي تقول ، ألربك جنود؟
قال : نعم.
قال : فليقاتلني إنّ كان ملكا فإنّ الملوك يقاتل بعضهم بعضا.
قال له الملك : نعم إن شئت ، قال : قد شئت.
قال : فاجمع جندك إلى ثلاثة أيام حتّى تأتيك جنود ربّي.
قال : فجمع الجبّار جنوده.
فأوحى الله عزوجل إلى خزنة البعوض أن افتحوا منها ففتحوا بابا من البعوض ، فلما أصبح اليوم الثالث نظر نمرود إلى الشمس فقال : ما بالها لا تطلع ، وظنّ أنّها أبطئت ، فقال الملك : حال دونها جنود ربّي.
قال : فأحاطت بهم البعوض فأكلت لحومهم وشربت دماءهم فلم يبق من الناس والدواب إلّا العظام ونمرود كما هو لم [يصبه] (١) شيء.
فقال له الملك : أتؤمن الآن؟
قال : لا.
فأمر الله عزوجل بعوضة فقرصت شفته السفلى فشربت وعظمت ، ثم قرصت شفته العليا فشربت وعظمت ، ثم دخلت منخره وصارت في دماغه وأكلت من دماغه حتّى صارت مثل الفأرة فمكث أربعمائة سنة يضرب رأسه بالمطارق ، فأرحم الناس به من كان يجمع يده ثم يضرب به رأسه فعذّبه الله أربعمائة سنة كما ملك أربعمائة سنة.
قال الله عزوجل : (إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) وهو جواب سؤال سابق غير مذكور تقديره : قال له : من ربّك؟
قال إبراهيم : (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ).
__________________
(١) في المخطوط : يصبها.