قرأ الأعمش وحمزة وعيسى : رَبِّي الَّذِي بإسكان الياء ، وقرأ الباقون بفتحه لمكان الألف واللام.
فقال نمرود : (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ).
قرأ أهل المدينة (أنا) بالمدّ في جميع القرآن ، وهو لغة قوم يجعلون الوصل فيه كالأصل.
وأنشد الكسائي :
أنا سيف العشرة فاعرفوني |
|
حميد قد تذرّيت السناما (١) |
وقال آخر :
أنا عبيد الله [يميني] عمر |
|
خير قريش من مضى ومن غبر |
إلّا رسول الله والشيخ الأغر |
والأصل في (أنا) أن تفتح النون وابتغي لها الوقت فكتبت ألفا على نيّة الوقف فصار : أنا.
وأكثر العرب يقول في الوقف : أنّه.
قال أكثر المفسّرين : دعا نمرود برجلين فقتل أحدهما واستحيا الآخر فسمّى ترك القتل إحياء.
كقوله : (وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) (٢) أي لم يقتلها.
وقال السدي في قوله تعالى : (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) قال : أخذ أربعة نفر فأدخلهم بيتا فلا يطعمون ولا يسقون حتّى إذا أشرفوا على الهلاك أطعم اثنين وسقاهما وترك اثنين فماتا ، فانتقل إبراهيم إلى حجّة أخرى لا عجزا لأن له أن يقول : فأحي من أمتّ إن كنت صادقا ، بل إيضاحا بالحجّة فقال : (قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ) كلّ يوم (مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) أي تحيّر ودهش وانقطعت حجّته.
يقال : رجل مبهوت ، أي مدهوش.
قال الشاعر :
ألا إنّ لرئاها فجأة |
|
فأبهت حتّى ما أكاد أسير |
وقرأ محمد بن السميقع اليماني : فَبَهَتَ بفتح الباء والهاء أي بهته إبراهيم. تصديقه قوله تعالى : (بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ) (٣) أي تدهشهم.
__________________
(١) جامع البيان : ١٥ / ٣٠٨ ، ولسان العرب : ١٣ / ٣٧ باختلاف : جميعا ، بدل : حميدا.
(٢) سورة المائدة : ٣٢.
(٣) سورة الأنبياء : ٤٠.