(مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ) الآية فيها إضمار واختصار تقديرها : مثل صدقات الذين ينفقون أموالهم ، فإن شئت قلت : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ). (فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ) زارع حبّة (أَنْبَتَتْ) أخرجت (سَبْعَ سَنابِلَ) جمع سنبلة ، أدغمها أبو عمرو أبو [غزية] وحمزة والكسائي ، وأظهرها الباقون. فمن أدغم فلأن التاء والسين مهموزتان ، ألا ترى أنهما متعاقبان.
أنشد أبو عمرو :
يا لعن الله بني السعلاة |
|
عمرو بن ميمون لئام النات (١) |
أراد لئام الناس فحوّل السين تاء. ومن أبرز فلأنهما كلمتان وهو الأصل واللغة الفاشية.
(فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ) أبو جعفر والأعمش : يتركان خمس مائة ومائة ، حيث كانت استخفافا (٢).
وقرأ الباقون بالمد.
فإن قلت : هل رأيت سنبلة فيها مائة حبة ، أو هل بلغك ذلك؟ قيل : لا ننكر ذلك ولا يستحيل ، فإن يكن موجودا فهو ذلك وإلّا فجائز أن يكون [معناه كمثل سنبلة أنبتت سبع سنابل] (٣) في كلّ سنبلة مائة حبّة أن جعل الله سبحانه ذلك فيها ، ويحتمل أن يكون معناه : أنّها إذا بذرت أنبتت مائة حبّة ، فيكون ما حدث عن البذر الذي كان منها من المائة الحبّة مضاهيا لها ، لأنّه كان عنها ، وكذلك ما قاله الضحاك قال : أنبتت كلّ سنبلة مائة حبّة.
(وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) ما بين سبع وسبعين وسبعمائة إلى ما شاء الله عزوجل ممّا لا يعلمه إلّا الله.
(وَاللهُ واسِعٌ) غني لتلك الأضعاف (عَلِيمٌ) بمن ينفق.
قال الضحاك في هذه الآية : من أخرج درهما [ابتغاء] مرضاة الله فله في الدنيا لكلّ درهم سبعمائة درهم خلفا عاجلا ، ولقي ألف درهم يوم القيامة.
قال الكلبيّ في قوله (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) الآية : نزلت في عثمان بن عفّان رضياللهعنه وعبد الرحمن بن عوف ، أمّا عبد الرحمن فإنّه جاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأربعة آلاف درهم صدقة فقال : كانت عندي ثمانية آلاف فأمسكت منها لنفسي وعيالي أربعة آلاف ، وأربعة آلاف أقرضتها ربّي عزوجل.
__________________
(١) السعلاة : أخبث الغيلان (الغول) ، وبه تشبه المرأة القبيحة ، والبيت في لسان العرب : ٢ / ١٠١ وفيه وكذلك في بقية كتب اللغة : عمرو بن يربوع.
(٢) كذا في المخطوط.
(٣) تفسير الطبري : ٣ / ٨٦.