ومنّ الله عزوجل إنعام وإفضال وتذكير. وأنشد معاد بن المثنّى العنبري عن أبيه محمود بن الورّاق :
أحسن من كلّ حسن |
|
في كلّ حين وزمن |
صنيعة مربوبة |
|
خالية من المنن (١) |
قال الثعلبي : أبو علي زاهر بن أحمد السرخسي قال : أنشدنا أبو ذر القرطبي :
ما تم معروفك عند أمري |
|
كلّفته المعرف إعظامكا |
إنّ من البر فلا تكذبن |
|
إكرام من أظهر إكرامكا |
والمن للمنعم نقص فلا |
|
تستفسدن بالمنّ إنعامكا |
والعزّ في الجود وبخل الفتى |
|
مذلّة أحببت إعلامكا |
قال : وأنشدني محمد بن القاسم قال : أنشدني محمد بن طاهر قال : أنشدني أبو علي البصري :
وصاحب سلفت منه إليّ يد |
|
أبطا عليه مكافاتي فعاداني |
لما تيقّن أنّ الدهر حاربني |
|
أبدى الندامة فيما كان أولاني (٢) |
وقال آخر :
أفسدت بالمن ما قدّمت من حسن |
|
ليس الكريم إذا أعطى بمنّان (٣) |
(قَوْلٌ مَعْرُوفٌ) أي كلام حسن وردّ على السائل جميل ، وقيل : [...] (٤) حسن.
وقال الكلبي : دعاء صالح يدعو لأخيه بظهر الغيب. قال الضحاك : قول في إصلاح ذات البين. (وَمَغْفِرَةٌ) أي مغفرة منه عليه لما علم خلّته وفاقته. قاله محمد بن جرير ، وقال الكلبي والضحاك : تجاوز عن ظلمه ، وقال : يتجاوز عنه إذا استطال عليه عند ردّه علم الله تعالى إنّ الفقير إذا ردّ بغير نوال شقّ عليه ذلك مما يدعو إلى بذاء اللسان أو إظهار الشكوى ، وعلم ما يلحق المانع منه ، فحثّه على الصفح والعفو وبيّن أن ذلك (خَيْرٌ) له (مِنْ صَدَقَةٍ) يدفعها إليه (يَتْبَعُها أَذىً) أي منّ وتعيير السائل بالسؤال أو شكاية منه أو عيب أو قول يؤذيه.
(وَاللهُ غَنِيٌ) عن صدقة العباد ، ولو شاء لأغنى جميع الخلق ولكنّه أعطى الأغنياء لينظر كيف شكرهم [وأخلى الفقراء] لينظر كيف صبرهم ، وذلك قوله عزوجل : (وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٣ / ٣١١.
(٢) تفسير القرطبي : ٣ / ٣١١.
(٣) تفسير القرطبي : ٣ / ٣١١ وفيه : أسديت ، بدل : قدمت ، وأسدى بدل : اعطى.
(٤) غير مقروءة في المخطوط ولعلّها : (التجاوز) على ما في زاد المسير : ١ / ٢٧٦.