النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فقال : «لعلّكم تقولون (سَمِعْنا وَعَصَيْنا) كما قالت بنو إسرائيل؟» فقالوا : بل نقول (سَمِعْنا وَأَطَعْنا) ، فأنزل الله عزوجل ثناء عليهم وإخبارا عنهم : (آمَنَ الرَّسُولُ) أي صدّق (بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) قال قتادة : لمّا أنزلت (آمَنَ الرَّسُولُ) (١) ، قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «وحق له أن يؤمن».
(وَالْمُؤْمِنُونَ). وفي قراءة عليّ وعبد الله : وآمن المؤمنون (كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ). وحّد الفعل على لفظ كلّ ، المعنى : كلّ واحد منهم آمن ، فلو قال : آمنوا ، لجاز لأن (كلّ) قد تجيء في الجمع والتوحيد ، فالتوحيد قوله عزوجل : (كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) (٢) والجمع قوله (كُلٌّ إِلَيْنا راجِعُونَ) (٣) (وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) (٤).
(وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ) [قرأ] (٥) ابن عباس وعكرمة ويحيى والأعمش وحمزة والكسائي وخلف وكتابه. على الواحد بالألف. وقرأ الباقون : (كُتُبِهِ) بالجمع ، وهو ظاهر كقوله : (وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ).
والتوحيد وجهان : أحداهما : إنّهم أرادوا القرآن خاصّة ، والآخر : إنّهم أرادوا جميع الكتب. يقول العرب : كثر اللبن وكثر الدرهم والدينار في أيدي الناس ، يريدون الألبان والدراهم والدنانير. يدلّ عليه قوله : (فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ) (٦).
(وَرُسُلِهِ). جمع رسول.
وقرأ الحسن وابن سلمة بسكون السين لكثرة الحركات ، وكذلك روى العباس عن ابن عمرو ، وروى عن نافع (وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ). مخفّفين ، الباقون بالإشباع فيها على الأصل.
(لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ... نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ) كما فعلت اليهود والنصارى ، وفي مصحف عبد الله لا نفرّقن.
قرأ جرير بن عبد الله وسعيد بن جبير وأبو زرعة بن عمرو بن جرير ويحيى بن يعمر والجحدري وابن أبي إسحاق ويعقوب : لا يفرّق بالياء على معنى لا نفرّق الكلّ ، فيجوز أن يكون خبرا عن الرسول.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٣ / ٤٢٨.
(٢) سورة النور : ٤١.
(٣) سورة الأنبياء : ٩٣.
(٤) سورة النمل : ٨٨.
(٥) في المخطوط : قال.
(٦) سورة البقرة : ٢١٣.