وقال آخرون : المستحب الإفطار لما
روى جعفر بن محمّد عن أبيه عن جابر قال : خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى مكّة عام الفتح في رمضان فصام حتّى إذا بلغ كراع الغميم فصام النّاس ، فبلغه إنّ الناس قد شقّ عليهم الصّيام فدعا بقدح ماء وشرب بعد العصر والنّاس ينظرون فأفطر بعض النّاس وصام بعضهم فبلغه إنّ النّاس صاموا فقال : «أولئك العصاة» [٥١] (١).
عاصم الأحول عن [بريد] العجلي عن أنس بن مالك قال : كنّا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فمنّا الصائم ومنا المفطر فنزلنا في يوم حار واتخذنا ظلالا فسقط الصوّام وقام المفطرون فسقوا الرّكاب فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ذهب المفطرون اليوم بالأجر» [٥٢] (٢).
وروى شعبة عن معلّى عن يوسف بن الحكم قال : سألت ابن عمر عن الصّوم في السّفر فقال : أرأيت لو تصدّقت على رجل بصدقة فردّها عليك ألم يغضبك؟
قال : نعم ، قال : فإنّها صدقة من الله عزوجل تصدّق بها عليكم ، وحدّ الاسفار التي يجوز فيها الإفطار ستّة عشر فرسخا فصاعدا.
(يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) حين أرخص في الأسفار للمريض والمسافر.
(وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) وقرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع : الْعُسُرَ والْيُسُرَ مثقّلين في جميع القرآن.
وقرأ الباقون : بتخفيفهما وهما لغتان جيّدتان ولا حجّة للقدرية في هذه الآية لأنّها مبنية على أوّل الكلام في إيجاب الصّيام فهي خاص في الاحكام لأهل الإسلام.
(وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) قرأ أبو بكر ورويش : بتشديد الميم.
وقرأ الباقون بالتخفيف وهو الاختيار لقوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) (٣) والواو في قوله (وَلِتُكْمِلُوا) واو النسق واللّام لام كي تقديره : ويريد لتكملوا العدّة.
وقال الزجّاج : معناه فعل الله ذلك ليسهّل عليكم (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ).
وقال عطاء : ولتكمّلوا عدّة أيام الشهر.
وقال سائر المفسّرين : ولتكملوا عدّة ما أفطرتم في مرضكم وسفركم إذا برأتم وأقمتم وقضيتموها.
(وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ) ولتعظموا الله.
__________________
(١) سنن الترمذي : ٢ / ١٠٦ ، وسنن النسائي : ٤ / ١٧٧.
(٢) المجموع للنووي : ٦ / ٢٦٤ ، وصحيح البخاري : ٣ / ٢٢٤.
(٣) سورة المائدة : ٣.