صوته ، يدلّ عليه ما روى محمّد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ العبد ليدعو الله وهو يحبه فيقول يا جبرئيل : اقضي لعبدي هذا حاجته وأخّرها فإنّي أحبّ أن لا أزال أسمع صوته ، وإن العبد ليدعو الله وهو يبغضه فيقول لجبريل اقض لعبدي حاجته باخلاصه وعجّلها فإني أكره أن أسمع صوته.
وبلغنا[عن يحيى ذبيح الله] أنه قال : سألت ربّ العزّة في المنام فقلت : يا رب كم أدعوك فلا تستجيب لي؟ فقال : يا يحيى أنّي أحبّ أن أسمع صوتك» [٥٦] (١).
قال بعضهم : إنّ للدعاء آدابا وشرائط هي أسباب الاجابة ونيل الأمنية فمن راعاها واستكملها كان من أهل الاجابة ومن أغفلها وأخلّ بها [فهو من أهل ...] (٢) في الدّعاء.
وحكي إنّ إبراهيم بن أدهم قيل له : ما بالنا ندعوا الله فلا يستجيب لنا؟ قال : لأنّكم عرفتم الله فلم تطيعوه وعرفتم الرسول فلم تتبعوا سنّته ، وعرفتم القرآن فلم تعملوا بما فيه ، وأكلتم نعمة الله فلم تؤدّوا شكرها ، وعرفتم الجنّة فلم تطلبوها وعرفتم النّار فلم تهربوا منها ، وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه ووافقتموه وعرفتم الموت فلم تستعدّوا له ، ودفنتم الأموات فلم تعتبروا بهم وتركتم عيوبكم واشتغلتم بعيوب الناس.
وقوله (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ) الآية :
قال المفسرون : كان الرجل في ابتداء الأمر إذا أفطر حلّ له الطّعام والشراب والجماع إلى أن يأتي العشاء الأخيرة أو يرقد قبلها فإذا صلّى العشاء الأخيرة أو رقد قبل الصلاة ولم يفطر حرّم عليه الطّعام والشراب ومنع ذلك إلى مثلها في القابل (٣).
ثمّ إنّ عمر بن الخطّاب رضياللهعنه واقع أهله بعد ما صلّى العشاء الأخيرة فلمّا اغتسل أخذ يبكي ويلوم نفسه فأتى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله : إنّي أعتذر إلى الله وإليك من نفسي هذه الخطيئة إنّي رجعت إلى أهلي بعد أن صلّيت العشاء الاخيرة فوجدت رائحة طيّبة فسوّلت لي نفسي فجامعت أهلي فهل تجد لي من رخصة ، فقال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : ما كنت جديرا بهذا يا عمر ، فقام رجال فاعترفوا بالّذي كانوا صنعوا بعد العشاء الأخيرة ، فنزل في عمر وأصحابه (أُحِلَّ لَكُمْ) أي أطلق وأبيح لكم (لَيْلَةَ الصِّيامِ) في ليلة الصيام (الرَّفَثُ).
قرأ ابن مسعود والأعمش : الرّفوث : (إِلى نِسائِكُمْ) والرّفث والرفوث كناية عن الجماع قال ابن عبّاس : إنّ الله تعالى حي كريم يكني فما ذكر الله في القرآن من المباشرة والملامسة والإفضاء والدّخول والرفث فانّما يعني به الجماع.
__________________
(١) كتاب الدعاء للطبراني : ٤٥ ، والمعجم الأوسط : ٨ / ٢١٦.
(٢) كلمات غير مقروءة.
(٣) راجع الدر المنثور : ١ / ١٧٧.