بلغنا أنّه أنزل عليك (الم) أأنزلت عليك؟ قال : نعم ، فإن كان ذلك حقّا فإنّي أعلم من هلك بأمّتك وهو إحدى وسبعون سنة فهل أنزلت عليك غيرها؟ قال : نعم والى (المص) (١) ، قال : هذه أكبر من تلك هي إحدى وستون ومائة سنة فربما غيرها؟ قال : نعم (الر) (٢) قال : هذه أكثر من مائة وسبعون سنة ولقد خلطت علينا فلا ندري أبكثيره نأخذ أم بقليلة؟ ونحن ممّن لا يؤمن بهذا ، فأنزل تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) : أي ميل عن الحق ، وقيل : شك.
(فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ) : اختلفوا في معنى هذه الآية ، فقال الربيع : هم وفد نجران خاصموا النبي صلىاللهعليهوسلم وقالوا : ألست تعلم أنّه كلمة الله (وَرُوحٌ مِنْهُ)؟ قال : بلى ، قالوا : فحسبنا ذلك ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال الكلبي : هم اليهود [أجهل] هذه الأمّة باستخراجه بحساب الجمل. وقال ابن جري : هم المنافقون.
[قال] الحسن : هم الخوارج.
وكان قتادة إذا قرأ هذه الآية (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) قال : إن لم يكونوا آخرون فالسبابيّة ولا أدري من هم.
وقال بعضهم : هم جميع المحدثة.
وروي حمّاد بن سلمة وأبو الوليد يزيد بن أبي ميثم وأبوه جميعا عن عبد الله بن أبي مليكة الفتح عن عائشة : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قرأ هذه الآية : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) فقال صلىاللهعليهوسلم : «إذا رأيتم الّذين يسألون عمّا (تَشابَهَ مِنْهُ) ويجادلون فيه الّذين عنى الله عزوجل فاحذروهم ولا تخالطوهم [٦] (٣).
(ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ) : طلب الشرك قاله الربيع ، والسدي ، وابن الزبير ، ومجاهد : ابتغاء الشبهات واللبس ليضلّوا بها جهّالهم.
(وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ) : تفسيره وعلمه دليله قوله تعالى : (سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) (٤).
وقيل : ابتغاء عاقبته ، وطلب مدة أجل محمّد ، وأمته من حساب الجمل ، دليله قوله تعالى
__________________
(١) سورة الأعراف : ١.
(٢) سورة يونس : ١.
(٣) تفسير القرطبي : ٤ / ٩ بتفاوت ، وتفسير الدرّ المنثور : ٢ / ٥ ، من طرق كلّها متفاوتة.
(٤) سورة الكهف : ٧٨.