وقال : معنا (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) عند الله في اللوح المحفوظ ، (أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) قال قوم : للناس من صلة قوله : (خَيْرَ أُمَّةٍ) : يعني أنتم خير الناس للناس. قال أبو هريرة : معناه كنتم خير الناس للناس يجيئون بهم في السلاسل فيدخلونهم في الإسلام. قتادة هم أمة محمد صلىاللهعليهوسلم لم يؤمر نبي قبله بالقتال فيسبون من سبي الروم والترك والعجم فيدخلونهم في دينهم ، فهم خير (أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ).
مقاتل بن حيان : ليس خلق من أهل الأديان ولا يأمرون من سواهم بالخير وهذه الآية يأمرون كل أهل دين وأنفسهم لا يظلم بعضهم بعضا ، بل يأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر ؛ فأمّة محمد صلىاللهعليهوسلم خير أمم الناس.
وقال آخرون : قوله : (لِلنَّاسِ) من صلة قوله : (أُخْرِجَتْ) ومعناه ما أخرج الله للناس أمّة خيرا من أمة محمد صلىاللهعليهوسلم فهم خير أمة أقامت وأخرجت للناس ، وعلى هذا تتابعت الأخبار.
روى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أنّه سمع النبي صلىاللهعليهوسلم يقول في قوله : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) قال : «إنكم تتمّون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله عزوجل» [٩٩] (١).
وروى عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أهل الجنة عشرون ومائة صف ، منها ثمانون من هذه الأمة» [١٠٠] (٢).
نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما من أمة إلّا وبعضها في النار ، وبعضها في الجنّة ، وأمتي كلّها في الجنة» [١٠١] (٣).
ثابت البناني عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «مثل أمتي مثل المطر ؛ لا يدرى أوله خير أم آخره» [١٠٢] (٤).
وعن أنس قال : أتى رسول الله أسقف فذكر أنه رأى في منامه الأمم كانوا يمنعون على الصراط [.......] (٥) حتى أتت أمة محمد صلىاللهعليهوسلم غرّا محجلين قال : فقلت : من هؤلاء الأنبياء؟ قالوا : لا ، قلت : مرسلون؟ قالوا : لا ، فقلت : ملائكة؟ قالوا : لا ، فقلت : من هؤلاء؟ قالوا : أمة محمد صلىاللهعليهوسلم غرّا محجلين عليهم أثر الطهور ، فلما أصبح الأسقف أسلم.
__________________
(١) مسند أحمد : ٤ / ٤٤٧ وفيه : توفون ، وتفسير الطبري : ٤ / ٦١.
(٢) المعجم الأوسط : ١ / ١٧٢.
(٣) تاريخ بغداد : ٩ / ٣٨٤.
(٤) المعجم الأوسط : ٤ / ٢٣١.
(٥) كلمة غير مقروءة.