وقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «ليردنّ الحوض من صحبتي أقوام حتى إذا رأيتهم اختلجوا دوني ، فلأقولن : أصحابي ، أصحابي ، فيقال لي : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى» [٩٦] (١).
(وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ) هؤلاء أهل طاعته والوفاء بعهده ، (فَفِي رَحْمَتِ اللهِ) : جنّة الله (هُمْ فِيها خالِدُونَ) إلى (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ) فيعاقبهم بلا جرم.
(وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ. كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ).
الآية. قال عكرمة ومقاتل : نزلت في ابن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ وسالم مولى أبي حذيفة ، وذلك أن ابن الصيف ووهب بن يهود اليهوديين قالا لهم : إن ديننا خير مما تدعوننا إليه ونحن خير وأفضل منكم. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) هم الذين هاجروا مع النبي صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة. وروى جويبر عن الضحاك قال : هم أصحاب محمد خاصة الرواة الدعاة الذين أمر الله عزوجل بطاعتهم. يدل عليه ما روى السدي أن عمر الخطاب قال : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) ، قال : تكون لأولنا ولا تكون لآخرنا.
وعن عمر بن الحصين قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «طوبى لمن رآني ولمن رأى من رآني ولمن رأى من رأى من رأى (٢) من رآني» [٩٧] (٣).
الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه» [٩٨] (٤).
وقال آخرون : هم جمع المؤمنين من هذه الأمة وقوله : (كُنْتُمْ) يعني أنتم كقوله : (مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) (٥) أي من هو في المهد. وإدخال (كان) واسقاطه في مثل هذا المعنى واحد ، كقوله : (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً) (٦) وقال في موضع آخر : (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ) (٧).
وقال محمد بن جرير (٨) : هذا بمعنى التمام ، وتأويله : خلقتم ووجدتم خير أمة.
__________________
(١) مسند أحمد : ٣ / ٣٨١ و ٥ / ٥٠.
(٢) كذا في المخطوط مكرّرة.
(٣) المعجم الصغير : ٢ / ٣٤ ، ومعرفة علوم الحديث للحاكم : ٢٨٨.
(٤) مسند أحمد : ٣ / ١١ ، وسنن الترمذي : ٥ / ٣٥٧.
(٥) مريم : ٢٩.
(٦) الأعراف : ٨٦.
(٧) الأنفال : ٢٦.
(٨) جامع البيان للطبري : ٤ / ٦٢.