قال علي رضياللهعنه : «فخرجت في آثارهم أنظر ما يصنعون ، فإذا هم قد أجبنوا الخيل وامتطوا الإبل وتوجهوا إلى مكة ، وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : أي ذلك كان فأخفه حتى تأتيني ، فلما رأيتهم قد توجهوا إلى مكة أقبلت أصيح ما أستطيع أن أكتم لما بي من الفرح وانصرفوا إلى مكة وانصرفنا إلى المدينة ، فأنزل الله تعالى في ذلك (أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ)» (١) يعني أن انصرفوا إليكم ودخلوا المدينة. وفي قراءة أبي (ألا يكفيكم أن يمدكم ربكم) ، أي يعطيكم ويعينكم.
قال المفضل : [كل] (٢) ما كان على جهة القوة والإعانة ، قيل فيه : أمده يمده إمدادا ، وكل ما كان على جهة الزيادة قيل : مدّه يمدّه مدّا ، ومنه قوله : (وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ) (٣).
وقال بعضهم : المد في الشر ، والإمداد في الخير. يدل عليه قوله تعالى : (وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (٤) وقوله (وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا) (٥).
وقال في الخير (أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ) (٦) وقال : (يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ). وقال (وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ) (٧).
وقال : (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ) (٨). وقال : (وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ) (٩) ، وقال : (وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ) (١٠) ، (مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ) (١١) (مُنْزَلِينَ). قرأ أبو حيوة : بكسر الزاي ، مخفّفا ، يعني منزلين النصر. وقرأ الحسن ومجاهد وطلحة بن مصرف وعمر ابن ميمون وابن عامر مشددة مفتوحة الزاي على التكثير. وتصديقه قوله : (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ) (١٢).
وقوله : (مُسَوِّمِينَ). وقرأ الآخرون : بفتح الزاي خفيفة. ودليله قوله : (لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا) (١٣) وقوله : (وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها) (١٤). وتفسير الإنزال : جعل الشيء من علو إلى سفل ، ثم قال : (بَلى) وهو تصديق لقول الله تعالى وقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(إِنْ تَصْبِرُوا) لعدوّكم (وَتَتَّقُوا) معصية ربكم.
__________________
(١) تاريخ الطبري : ٢ / ٢٠٧. (٢) في المخطوط : على.
(٣) لقمان : ٢٧. (٤) البقرة : ١٥.
(٥) مريم : ٧٩.
(٦) الأنفال : ٩.
(٧) الإسراء : ٦.
(٨) المؤمنون : ٥٥.
(٩) الطور : ٢٢.
(١٠) نوح : ١٢.
(١١) الأنفال : ٩.
(١٢) الأنعام : ١١١.
(١٣) الفرقان : ٢١. (١٤) التوبة : ٢٦.