وقال أكثر أهل المعاني : لم يرد العرض الذي هو ضد الطول وإنما أراد سعتها وعظمها ، كقول العرب : هو أعرض من الدهنا ، أي أوسع.
وقال جرير :
لجّت أمامة في لومي وما علمت |
|
عرض السماوة روحاتي ولا بكري (١) |
وأنشد الأصمعي :
يجبن بنا عرض الفلاة |
|
وما لنا عليهنّ إلّا وخدهن سقاء (٢) |
وقال آخر :
كأنّ بلاد الله وهي عريضة |
|
على الخائف المطلوب كفه حابل (٣) |
وعلى هذا التمثيل لا يريد أنها كالسماوات والأرض لا ، وغير معناه كعرض السماوات السبع والأرضين السبع عند ظنكم ، لأنهما لا بد زائلتان كقوله : (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) (٤) لأنهما لا بد زائلتان.
وقال يعلي بن مرة : لقيت التنوخي رسول هرقل إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بحمص شيخا كبيرا قال : قدمت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بكتاب هرقل فناول الصحيفة رجلا عن يساره قال : قلت : من صاحبكم الذي يقرأ؟ قالوا : معاوية ، فإذا كتاب صاحبي : إنك كتبت إليّ تدعوني إلى (جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ [أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ]) فأين النار؟ فقال رسول الله : «سبحان الله فأين الليل إذا جاء النهار» [١١٣] (٥).
وروى طارق بن شهاب : أن ناسا من اليهود سألوا عمر بن الخطاب وعنده أصحابه قالوا : أرأيت قولكم (وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) فأين النار؟ فأحجم الناس ، فقال عمر رضياللهعنه : أرأيتم إذا جاء الليل أين يكون النهار ، وإذا جاء النهار أين يكون الليل؟ فقالوا : إنما لمثلها في التوراة.
وسئل أنس بن مالك عن الجنة : أفي الأرض أم في السماء؟ فقال : أي أرض وأي سماء تسع الجنة؟ قيل : وأين هي؟ قال : فوق السماوات السبع تحت العرش.
وقال قتادة : كانوا يرون أن الجنة فوق السماوات السبع ، وأن جهنم تحت الأرضين السبع.
__________________
(١) تفسير الطبري : ١ / ٢١٦.
(٢) لسان العرب : ١٤ / ٣٩٢ ، تاج العروس : ١٠ / ٣٨٢.
(٣) تفسير القرطبي : ٤ / ٢٠٥.
(٤) سورة هود : ١٠٧.
(٥) تفسير الطبري : ٤ / ١٢٢.