(الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)؟ فقال : «من برّت يمينه ، وصدق لسانه واستقام قلبه ، وعف بطنه وفرجه ، فذلك الراسخ في العلم» [٧] (١).
وقال وهيب : سمعت مالك بن أنس يسأل عن تفسير قوله (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) من هم؟ قال : العالم العامل بما علم تبع له.
وقال نافع بن يزيد : كما أن يقال (الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) المؤمنون بالله ، المتذللون في طلب مرضاته ، لا يتعاظمون على من فوقهم ، ولا [يحقّرون] من دونهم (٢).
وقال بعضهم : (الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) : من وجد في عمله أربعة أشياء :
التقوى بينه وبين الله تعالى ، والتواضع بينه وبين الخلق ، والزهد بينه وبين الدنيا ، والمجاهدة بينه وبين نفسه (٣).
وقال ابن عباس ومجاهد والسدي بقولهم : (آمَنَّا بِهِ) سمّاهم الله تعالى : الراسخين في العلم ؛ فرسوخهم في العلم قولهم : (آمَنَّا بِهِ) أي بالمتشابه (كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) المحكم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ ، ما علمناه وما لم نعلمه.
قال المبرد : زعم بعض الناس أن (عِنْدِ) هاهنا صلة ومعناه كل من ربّنا. (وَما يَذَّكَّرُ) : يتعظ بما في القرآن.
(إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) : ذووا العقول ولبّ كل شيء خالصه [فلذلك قيل للعقل لب].
(رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨) رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٩) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (١٠) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (١١) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٢) قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (١٣) زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (١٤))
(رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا) : أي ويقول الراسخون كقوله في آخر السورة : (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ
__________________
(١) المعجم الكبير : ٨ / ١٥٢ ، وتفسير الطبري : ٣ / ٢٥١.
(٢) تفسير ابن كثير : ١ / ٣٥٦.
(٣) فغني المحتاج : ٣ / ٦٠.