قال السدي : يعني بالفاحشة هاهنا الزّنا ، يدل عليه ما روى حماد بن ثابت عن جابر (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً) قال : زنى القوم وربّ الكعبة ، أو ظلموا أنفسهم بالمعصية.
وقال مقاتل والكلبي : وهو ما دون الزنا من قبله أو لمسة أو نظرة فيما لا يحل.
الأصم : فعلوا فاحشة الكبائر (أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بالصغائر ، وقيل : (فَعَلُوا فاحِشَةً) فعلا و (ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) قولا.
(ذَكَرُوا اللهَ) قال الضحاك : ذكروا العرض الأكبر على الله عزوجل ، مقاتل والواقدي : تفكروا في أنفسهم أن الله سائلهم عنه ، مقاتل بن حيان : (ذَكَرُوا اللهَ) باللسان عند الذنوب (فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) أي وهل يغفر الذنوب إلّا الله وما يغفر الذنوب إلّا الله ؛ فلذلك رفع. (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا) واختلفوا في معنى الإصرار :
فقال أكثر المفسرين : معناه لم يقيموا ولم يدوموا ولم يثبتوا عليه ، ولكنهم تابوا وأقرّوا واستغفروا.
قتادة : إيّاكم والإصرار ، فإنما هلك المصرون الماضون قدما قدما في معاصي الله ، لا تنهاهم مخافة الله عن حرام حرّمه الله ، ولا يتوبون من ذنب أصابوه ، حتى أتاهم الموت وهم على ذلك.
وقال الحسن : إتيان العبد ذنبا عمدا إصرارا ، السدي : الإصرار السكوت وترك الاستغفار ، وفي الخبر قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما أصرّ من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة» (١) [١٤٨].
وروى عبد الرحمن عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليس كبيرة بكبيرة مع الاستغفار وليس صغيرة بصغيرة مع الإصرار» (٢) [١٤٩] وأصل الإصرار الثبات على الشيء.
قال الحطيئة : يصف الخيل :
عوابس بالشعث الكماة إذا ابتغوا |
|
غلالتها بالمحصدات أصرّت (٣) |
أي ثبتت على عدوّها ، نظم الآية : (ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ ... وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) ... ، (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ).
قال ابن عباس والحسن ومقاتل وابن يسار : (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أنها معصية.
__________________
(١) مسند أبي يعلى : ١ / ١٢٤.
(٢) مسند الشهاب : ٢ / ٢٠٤.
(٣) تفسير القرطبي : ٤ / ٢١١.