فإذا أمكنت فبادر إليها |
|
حذرا من تعذر الإمكان (١) |
ثابت البناني عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «رأيت قصورا مشرفة على الجنة فقلت يا جبرئيل لمن هذه؟ قال : لـ (الْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)» [١٤٧] (٢).
(إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) الآية.
قال ابن عباس : قال المؤمنون يا رسول الله كانت بنو إسرائيل أكرم على الله منّا ، كان أحدهم إذا ذنب ذنبا أصبحت كفارة ذنبهم مكتوبة في عتبة بابه اجدع أنفك وأذنك ، افعل كذا ، فسكت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ألا أخبركم بخير من ذلك» فقرأ عليهم هذه الآيات (٣).
وقال عطاء : نزلت هذه الآية في نبهان التمار وكنيته أبو مقبل أتته امرأة حسناء تبتاع منه تمرا فقال لها : إن هذا التمر ليس بجيد وفي البيت أجود منه فهل لك فيه؟ قالت : نعم ، فذهب بها إلى بيته فضمها إلى نفسه وقبّلها ، فقالت له : اتق الله ، فتركها وندم على ذلك فأتى النبي صلىاللهعليهوسلم وذكر له ذلك فنزلت هذه الآية.
وقال مقاتل والكلبي : آخا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بين رجلين أحدهما من الأنصار والآخر من ثقيف ، فخرج الثقفي في غزاة واستخلف الأنصاري على أهله ، فاشترى لهم اللحم ذات يوم ، فلما أرادت المرأة أن تأخذه منه دخل على أثرها فدخلت المرأة بيتا فتبعها فاتقته بيدها ، فقبّل يدها ثم ندم وانصرف ، فقالت له : والله ما حفظت غيبة أخيك ولا نلت حاجتك ، فخرج الأنصاري ووضع التراب على رأسه وهام على وجهه ، فلما رجع الثقفي لم يستقبله الأنصاري فسأل امرأته عن حاله.
فقالت : لا أكثر الله في الاخوان مثله ووصفت له الحال ، والأنصاري يسيح في الجبال تائبا مستغفرا ، وطلبه الثقفي حتى وجده ، فأتى به أبا بكر رضياللهعنه رجاء أن يجدا راحة عنده فخرجا ، وقال الأنصاري : هلكت ، قال : وما أهلكك؟ فذكر له القصة ، فقال أبو بكر : ويحك أما علمت أن الله تعالى يغار للغازي ما لا يغار للمقيم ، ثم لقى عمر رضياللهعنه فقال : مثل ذلك ، فأتيا النبي صلىاللهعليهوسلم فقال له مثل مقالتهما ، فأنزل الله تعالى (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً) هي صفة لاسم متروك تقديره : (وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً) يعني قبيحة خارجة عمّا أذن الله فيه ، وأصل الفحش القبيح والخروج عن الحد ، ولذلك قيل للمفرط في الطول أنه فاحش الطول ، والكلام القبيح غير [القصد] فالكلام فاحش والمتكلم به مفحش.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٤ / ٢٠٩ ، سير أعلام النبلاء : ١٣ / ٢٠٠.
(٢) كنز العمال : ٣ / ٣٧٥.
(٣) تفسير الطبري : ٤ / ١٢٧.