(وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ).
قال الرباحي والكلبي : عن المملوكين ، وقال زيد بن أسلم ومقاتل : عمّن ظلمهم وأساء إليهم ، وقال مقاتل بن حيان في هذه الآية : بلغنا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال عند ذلك : «إن هؤلاء في أمتي قليل إلّا من عصم الله وقد كانوا كثيرا في الأمم التي مضت» (١) [١٤٥].
وعن أبي هريرة أن أبا بكر رضياللهعنه كان مع النبي صلىاللهعليهوسلم في مجلس ، فجاء رجل فوقع في أبي بكر وهو ساكت والنبي صلىاللهعليهوسلم يبتسم ، ثم ردّ أبو بكر رضياللهعنه عنه بعض الذي قال ، فغضب النبي صلىاللهعليهوسلم وقام فلحقه أبو بكر فقال : يا رسول الله شتمني وأنت تبتسم ثم رددت عليه بعض ما قال فغضبت وقمت ، فقال : «إنك حين كنت ساكتا كان معك ملك يرد عنك فلما تكلمت وقع الشيطان فلم أكن لأقعد في مقعد يقعده الشيطان ،. ثمّ قال. : يا أبا بكر ثلاث كلّهن حق : أنه ليس عبد يظلم بمظلمة فيعفوا عنها إلّا أعز الله نصره ، وليس عبد يفتح باب مسألة يريد به كثرة إلّا زاده الله قلة وليس عبد يفتح باب عطية أو صلة إلّا زاده الله بها كثرة» [١٤٦] (٢).
وقال عروة بن الزبير :
لن يبلغ المجد أقوام وإن كرموا |
|
حتى يذلوا ، وإن عزّوا لأقوام |
ويشتموا فترى الألوان مشرقة |
|
لا صفح ذل ولكن صفح أحلام (٣) |
(وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
قال مقاتل : يعني إن هذه الأشياء إحسان ومن فعل ذلك فهو محسن (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
قال الحسن : الإحسان أن يعمّ ولا يخص كالريح والشمس والمطر.
سفيان الثوري : الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك ، فإن الإحسان إلى المحسن [مزاجرة] (٤) كلمة السوق خذ وهات.
السقطي : الإحسان أن يحسن وقت الإمكان ، فليس في كل وقت يمكنك الإحسان.
أنشدني أبو القاسم الحبيبي قال : أنشدني أبو العباس عبد الله بن محمد الجماني :
ليس في كل ساعة وأوان |
|
تتهيأ صنائع الإحسان |
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٤ / ٢٠٧.
(٢) مسند أحمد : ٢ / ٤٣٦.
(٣) تفسير الطبري : ٤ / ١٢٧.
(٤) هكذا في الأصل.