هاهُنا) وذلك أنّ المنافقين قال بعضهم لبعض : لو كان لنا عقول لم نخرج مع محمد إلى قتال أهل مكة ولمّا قتل رؤساؤنا ، فقال الله : قل لهم : (لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ) لخرج.
وقال ابن أبي حيوة : (لَبُرِّزَ) بضم الباء وتشديد الراء على الفعل المجهول.
(الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ) ، قرأ قتادة : القتال (إِلى مَضاجِعِهِمْ) مصارعهم ، (وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ) ليختبر الله (ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ) يخرج ويطهّر (ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) بما في القلوب من خير أو شر (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا) انهزموا (مِنْكُمْ) يا معشر المؤمنين (يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) جمع المسلمين والمشركين (إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ).
قال المفضل : حملهم على الزلل ، وهو استفعل من الزلّة وهي الخطيئة.
وقال القتيبي : طلب زلتهم ، كما يقال : استعجلت عليها ، أي طلبت عجلته ، واستعجلته طلبت عمله ، وقيل : أزل واستزل بمعنى واحد.
وقال الكلبي : (زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) حينما كسبوا ، أي بشؤم ذنوبهم ، قال المفسرون : بتركهم المراكز ، وقال الحسن : (ما كَسَبُوا) قبولهم من إبليس وما وسوس إليهم من الهزيمة.
(وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ).
وروى إبراهيم بن إسحاق الزهري ، أن جعفر بن عون حدثهم أن زائدة حدثهم عن كليب ابن وائل قال : جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن عثمان أكان شهد بدرا؟ قال : لا ، قال : أكان شهد بيعة الرضوان؟ قال : لا ، قال : أفكان من الذين تولّوا (يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ)؟ قال : نعم ، فقيل له : إن هذا يرى أنك قد عبته ، فقال : عليّ به ، أمّا بدر فإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد ضرب له بسهمه ، وأما بيعة الرضوان فقد بايع [له] (١) رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويد رسول الله صلىاللهعليهوسلم خير من يد عثمان ، وأما الذين تولوا يوم التقى الجمعان [فإن الله قال : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ)] فاذهب فاجهد عليّ جهدك (٢).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١٥٦) وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (١٥٧) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ (١٥٨) فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (١٥٩) إِنْ
__________________
(١) هكذا في الأصل.
(٢) المصنف لابن أبي شيبة : ٧ / ٤٩٠ وما بين المعكوفتين بياض في المخطوط استدركناه منه.