كدأبك من أم الحويرث قبلها |
|
وجارتها أم الرباب بمأسل (١) |
وهذا أصل الحرف يقال : دائب في الأمر أو أبة دأبا ودائب [ويدأ ودءوبا] إذا أدمنت العمل ونعيته.
وأدأب السير أدآبا ، فإنّما يرجع معناه الى النّساب والحاك والعادة.
قال الشاعر (٢) :
لأرتحلن بالفجر ثمّ لادئبنّ
قال سيبويه : موضع الكاف رفع ؛ لأن الكاف للتشبيه تقوم مقام الاسم ، وتقديره : دأبهم (كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) كدأب الأمم الماضية (كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ) : فعاقبهم.
(بِذُنُوبِهِمْ) : نظيره قوله (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ) (٣).
(وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ) : قرأ إسحاق وثابت والأعمش وحمزة والكسائي وخلق بالياء فيهما ، الباقون بالتاء ، فمن قرأهما بالياء فعلى الأخبار عنهم أنّهم يحشرون ويقلبون ، ومن قرأهما بالتاء فعلى الخطاب أي قلّ لهم إنكم ستغلبون وتحشرون وكلا الوجهين [صحيح] ؛ لأنه لم يوح إليهم ، وإذا كان المخاطب بالشيء غير حاضر وكانت مخاطبته [في] الكلام بالتاء على الخطاب ، وبالياء على الأخبار والأعلام كما تقول : (قل لغير الله ليضربن ولتضربن).
واختلف المفسرون في المعنى لهذه الآية من هم؟ فقال مقاتل : هم مشركو مكّة ، ومعنى الآية قيل لكفّار مكّة : (سَتُغْلَبُونَ) يوم بدر (وَتُحْشَرُونَ) في الهجرة ، فلما نزلت هذه الآية قال النبي صلىاللهعليهوسلم للكافرين يوم بدر : «إنّ الله غالبكم وحاشركم الى جهنّم» [١٠].
دليل التأويل قوله تعالى : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ) (٤).
وقال بعضهم : المراد بهذه الآية اليهود.
وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : إنّ يهود أهل المدينة قالوا لمّا هزم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المشركين يوم بدر : هذا والله النبي الأمّي الذي بشّرنا به موسى ونجده في كتابنا بنعته
__________________
(١) فتح القدير : ١ / ٣٢١.
(٢) وهو زهير راجع تفسير مجمع البيان : ٢ / ٢٤٤ والمعنى : إلّا أن يمنعني ولادة طفل.
(٣) سورة العنكبوت : ٤٠.
(٤) سورة القمر : ٤٥. ٤٦.