وروى هشام بن عروة عن عائشة أيضا عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله عزوجل : (ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) أن لا تميلوا ، وأكثر المفسرين على هذا.
قال مقاتل : هو لغة جرهم ، يقال : ميزان عائل ، أي مائل. وكتب عثمان بن عفان رضياللهعنه إلى أهل الكوفة في شيء عاتبوه فيه : أني لست بميزان لا أعول.
وأنشد عكرمة لأبي طالب :
بميزان صدق لا يغل شعيرة |
|
له شاهد من نفسه غير عائل (١) |
وقال مجاهد : ذلك أدنى ألّا تضلوا. وقال الفراء والأصم : أن لا تجاوزوا ما فرض الله عليكم ، وأصل العول المجاوزة ، ومنه عول الفرائض. وقال الشافعي : أن لا تكثر عيالكم. وما قال هذا أحد غيره (٢). وإنما يقال : أعال يعيل إذا كثر عياله.
قال أبو حاتم : كان [الشافعي] أعلم بلغة العرب منّا ولعله لغة.
قال الثعلبي : قال أستاذنا أبو القاسم بن حبيب : سألت أبا عمرو الدوري عن هذا وكان إماما في اللغة غير مدافع فقال : هي لغة حمير.
وأنشد :
وإنّ الموت يأخذ كل حيّ |
|
بلا شك وإن أمشى وعالا (٣) |
أي كثرت ماشيته وعياله.
قال أبو عمرو بن العلاء : لقد كثرت وجوه العرب حتى خشيت أن آخذ عن لاحن لحنا.
وقرأ طلحة بن مصرف : ألّا تعيلوا ، وهو قوة قول الشافعي. وقرأ بعضهم : ألّا تعيلوا من العيلة أي لا تفتقروا.
قال الشاعر :
ولا يدري الفقير متى غناه |
|
ولا يدري الغني متى يعيل (٤) |
وقرأ طاوس : لا تعيلوا من العلة.
روى بشير بن نهيك عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل» (٥) [٢٣٢].
__________________
(١) لسان العرب : ١١ / ٤٨٩ ، الصحاح الجوهري : ٥ / ١٧٧٧.
(٢) عنه تفسير القرطبي : ٥ / ٢٢ وذكر ذهاب الدارقطني وجابر بن يزيد إلى هذا الرأي.
(٣) تفسير القرطبي : ٥ / ٢٢.
(٤) تفسير القرطبي : ٨ / ١٠٦.
(٥) سنن أبي داود : ١ / ٤٧٣ ، كنز العمال : ١٦ / ٣٤١.