الله والمؤمنين الإقرار كقوله : (قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا) (١) أي أقررنا فنسق شهادة الملائكة ، (وَأُولُوا الْعِلْمِ) على شهادة الله تعالى.
والشهادتان مختلفتان معنى لا لفظا كقوله عزوجل : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ) (٢) والصلاة من الله «الرحمة» ومن الملائكة «الاستغفار والدعاء» ، (وَأُولُوا الْعِلْمِ) : يعني الأنبياء عليهمالسلام.
وقال ابن كيسان : يعني المهاجرين والأنصار.
مقاتل : مؤمني أهل الكتاب ، عبد الله بن سلام : وأصحابه : نظيره قوله : (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) (٣) ، وقوله : (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (٤).
وقال السدي والكلبي : يعني علماء المؤمنين كلهم. فقرّب الله تعالى شهادة العلماء بشهادته ؛ لأن العلم صفة الله العليا ونعته العظمى. والعلماء أعلام الإسلام والسابقون الى دار السلام وسرج الأمكنة وحجج الأزمنة.
وروى صفوان عن سليم عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ساعة من عالم متّكئ على فراشه ينظر في علمه خير من عبادة العابد سبعين عاما» [٣١] (٥).
المسيب بن شريك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تعلّموا العلم ؛ فإنّ تعلّمه لله حسنة ، ومدارسته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ؛ وتعليمه من لا يعلمه صدقة ، وتذكره لأهله قربة ؛ لأنه معالم الحلال والحرام ، ومنار سبل الجنة والنار ، والأنيس في الوحشة والصاحب في الغربة ، والميراث في الخلوة ، والدليل على السرّاء والضرّاء ، والسلاح على الأعداء ، والقرب عند الغرباء ، يرفع الله به أقواما ويجعلهم في الخير قادة يقتدى بهم ، ويبيّن آثارهم ، ويرموا أعمالهم ، وينهى الى رأيهم ، وترغب الملائكة في خلتهم ، وبأجنحتها تمسحهم ، وفي صلواتهم تستغفر لهم ، وكل رطب ويابس يستغفر لهم حتى حيتان البحر وسباع الأرض وأنعامها والسماء ونجومها ، ألا فإن العلم خير أنقاب عن الصمى ، ونور الأبصار من الظلم ، وقوة الأبدان من الضعف ، يبلغ بالعبد منازل الأحرار ، ومجالس الملوك ، والفكر فيه يعدل بالصيام ومدارسته بالقيام ، به يعرف الحلال والحرام ، وبه توصّل الأرحام ، إمام العمل والعقل تابعه ، يلهم السعد أو يحرم إذا شقي» [٣٢] (٦).
__________________
(١) سورة الأنعام : ١٣٠.
(٢) سورة الأحزاب : ٥٦.
(٣) سورة الإسراء : ١٠٧.
(٤) سورة الرعد : ٤٣.
(٥) الجامع الصغير : ٢ / ٣٩ ، ح ٤٦٢٢.
(٦) تفسير الثعالبي : ٢ / ١٢.